الخطوط المفتوحة، عبر الموفدين أو الاتصالات المباشرة، لا تبحث في إيجاد مقاربات ممكنة لحلحلة عقد تأليف الحكومة، التي ادخلت العملية في براد اب وحسب، إنما تبحث أيضاً في بناء تحالفات، أو احلاف لمواجهة الاحتمالات، التي من شأنها ان تفاجئ الأوساط العاملة في خط التأليف، فيما لو ذهبت الرياح بما لا تشتهي السفن، في غمرة تحولات بالغة على المسرح الإقليمي، سواء في ما خص الحرب السورية، والوضع الميداني وآفاق التسوية، أو في ما خص المفاوضات المتوترة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، فضلاً عن صدامات صفقة القرن..
وعلى هذا الصعيد، تؤكد مصادر دبلوماسية ان التطورات على الساحة السورية، تلقي بظلالها على عملية تشكيل الحكومة، والتوازنات المقبلة داخلها، فضلاً عن البيان الوزاري ومرحلة ما بعد التأليف.
وكشفت المصادر عينها ان مراجع عليا تلقت نصائح، بعدم التلاعب بمعادلة الاستقرار، ليس من فرنسا او الاتحاد الأوروبي، بل من الاتحاد الروسي أيضاً.
محلياً، وعلى مشارف الأسبوع الحادي عشر للتكليف، بدت الصورة، وكأنها تنطلق من نقطة الصفر:
1- الرئيس ميشال عون أبلغ موفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي ان نائب رئيس مجلس الوزراء هو من حصة رئيس الجمهورية (وفقاً للنائب في تكتل لبنان القوي الياس بو صعب).
2- كما أبلغ الرئيس عون موفد الدكتور سمير جعجع ان الوزارة السيادية تبحث مع الرئيس المكلف وليس معه.
وعليه، قالت مصادر مقربة من الرئاسة الأولى لـ«اللواء» ان «القوات» قبلت بأربع حقائب، وليس خمساً، على ان تكون احداها سيادية.
وهذا يعني ان النقطة ما تزال حيث هي، منذ البدء بمشاورات التأليف.
3- «التيار الوطني الحر» لا يطالب الا بحصة (والكلام لأبو صعب)، وتلبية المطالب هي من صلاحية الرئيس المكلف.
وما لم يقله أبو صعب، قالته الـO.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، من ان لقاء الحريري - جعجع دليل إضافي على ان العقدة في موضوع التمثيل المسيحي في الحكومة هي عند «القوات» ويجب حلها مع رئيسها جعجع..
وأضافت الـO.T.V نقلاً عن مصدر وصفته بالمتابع، ان الاجتماع بين الرئيس الحريري والوزير باسيل لم يكن له لزوم، لأن لا مشكلة ولا عقدة في ما يطلبه التيار.
وانتهى المصدر وفقاً للمحطة نفسها، التيار يطالب بأقل من حقه، وغيره (في إشارة للقوات)، يطلب أكثر مما يحق له، بناء على نتائج الانتخابات، وهنا جوهر تعطيل التشكيل.
4- وحسب معلومات «اللواء» فإن خطاب الرئيس عون في الفياضية هو سقف تأليف الحكومة، وما قبله، ليس كما بعده.
وعليه، فالصيغتان اللتان قدمهما الرئيس المكلف إلى بعبدا، غير مقبولتين، والكرة عادت إلى ملعب بيت الوسط.
وتعتبر المصادر المقربة ان ما عرض حتى الآن نواة حصص وليس حكومة..
5- وتسجّل أوساط قريبة من 8 آذار، والتيار الوطني الحر على الرئيس الحريري، عدم الاستماع إلى النائب طلال أرسلان، والنائب سليمان فرنجية، وقوى واحزاب أخرى حليفة، فضلاً عن سنة 8 آذار..
لقاء عون - رياشي
 كان البارز في التحرك حول تشكيل الحكومة لقاء الرئيس عون مع وزير الاعلام رياشي الذي قال بعد الاجتماع: نقلت الى الرئيس عون رسالة من رئيس «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع حول موقف «القوات» من الحكومة واستعدادها لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، ولكن ضمن الحد الادنى المقبول للحجم الانتخابي والوزن السياسي. وقد ابلغني فخامة الرئيس ان موضوع منح حقيبة سيادية «للقوات اللبنانية» يتم بحثه مع الرئيس المكلف.
 وعلمت «اللواء» من مصادر رسمية متابعة للاتصالات، ان جو اللقاء الذي استمر ثلث ساعة كان وديا وايجابيا جدا، تأكد خلاله (كما ذكرت اللواء) تخفيض «القوات» لسقف مطالبها، حيث ان الرياشي تمنى ان تكون «للقوات» حقيبة سيادية بعد موافقتها على الحصول على أربع حقائب بينها واحدة رئيسية او خدماتية والتنازل عن مطلب منصب نائب رئيس الحكومة، ولكن الرئيس عون احال الرياشي الى الرئيس الحريري للبحث معه في موضوع الحقائب.
 واشارت المصادرالمتابعة الى ان موضوع توزيع الحقائب هو بيد الرئيس الحريري، وان موضوع الحقيبة السيادية الرابعة وهي الدفاع ليس محسوما بعد، فإذا لم يوافق الحريري وبعض القوى السياسية الاخرى على منح «القوات» حقيبة الدفاع، قد يتم البحث في منحها حقيبة الخارجية اذا وافق «التيار الحر» على الاستغناء عنها، مقابل حصوله هو على الدفاع.
الا ان المصادر المحت ايضا الى احتمال ان ترفض بعض القوى السياسية منح «القوات» حقيبة الخارجية نظرا لحساسيتها ودورها بالنسبة لموضوع «حزب الله» والعقوبات الاميركية والغربية ومن بعض الدول العربية المفروضة عليه، وبناء عليه باتت الكرة في ملعب الحريري الذي يبقى امامه خيار التنازل عن حقيبة الداخلية «للقوات» ويحصل «تيار المستقبل» على الخارجية، اوخيار رفض منح «القوات» حقيبة سيادية اذا وجد ان الامر سيكون معقدا وقد يطيح بالتفاهمات القائمة حول توزيع بعض الحقائب..
هذه السيناريوهات لا زالت موضع بحث، لكنها تشكل خطوة الى الامام في مسار تشكيل الحكومة، ويبقى على الرئيس الحريري معالجة موضوع التمثيل الدرزي وحل المشكلة مع رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.
موفد جنبلاط
يُذكر ان تشكيل الحكومة كان من ضمن مواضيع البحث امس بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مع عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن في حضور الأمين المساعد لشؤون المناطق جوزيف أبو جودة.
 وأكد أبو الحسن أن «وجهات النظر متطابقة في شأن ضرورة الإسراع في التشكيل من أجل الإنصراف لملاقاة مشاكل اللبنانيين على كل المستويات: الإقتصادية، والمالية والإجتماعية، والبدء في معالجتها».
وقال: ان وجهات النظر تطابقت أيضا لناحية أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على مبدأ الشراكة بعيدا من منطق الإستئثار أو الإقصاء أو عزل أي فريق، وتأخذ في الإعتبار نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة وحجم القوى التمثيلية وفق مع إرادة الشعب اللبناني.