ذهبت مع الريح كل خيوط التفاؤل التي أشاعها لقاء رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف سعد الحريري، في ما يخص تشكيل الحكومة، آخر الأسبوع الماضي، فلا حكومة قريبة ولا من يحزنون عليها وعلى هذا البلد المهترئ اقتصادياً وتنموياً.
ويرفض بعض المتابعون استعمال مصطلح الرياح لأفول نجوم التفاؤل للمرة العاشرة بعد المئة، ويصفون الوضع بالأشد تعقيداً نظراً لأن عاصفة باسيل ـ الحريري الأخيرة تنبئ بالمحظور.
ولهذا المحظور علاماتٌ عدة أولها ما ألمح إليه الرئيس عون عن أنه لن يلعب دور المصلح وبالتالي لن يضغط على باسيل للتنازل عن مطالبه، إذ قال صراحة "البعض يطالب بمقاعد تتجاوز حجمه، ويدعوه لحث رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل الى التنازل، فيما الوزير جبران باسيل هو رئيس أكبر كتلة نيابية...".
وسبق هذه العلامة ما صرّح به باسيل عقب عودته إلى لبنان أن "تأليف الحكومة من صلاحية الرئيس المكلف، وإذا كان عنده أي جديد فأنا مستعد للتواصل معه"، ما يوحي أن باسيل لن يتوجه لزيارة الحريري. وما يقطع الشك باليقين ويؤكد أن مرحلة تشكيل الحكومة دخلت المحظور هو توجه الرئيس المكلف لقضاء إجازة عائلية خارج لبنان في الأيام المقبلة، ما يعني أن لا الحريري سيقبل بشروط باسيل، ولا الأخير سيتنازل عن مطالبه، ولا اللقاء سيحصل، وبالتالي لا حكومة.
يؤكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش لـ"ليبانون ديبايت" أن اللقاء شيء وأن ينتج عن اللقاء ما هو مفيد شيء آخر. "وقد أعلن الوزير باسيل بعد عودته ألا شيء جديد، وطالما أن لا شيء جديد فاللقاء لن يغير الأمور. والسؤال الأهم هل اللقاء مفيد أم لا ويبدو حتى الآن أن لا شيء جديد لدى باسيل ولذلك لا يمكن أن نقول إنه مفيد".
ويلفت علوش إلى أن الجديد له علاقة بالحصص "فكلمة واحدة تغير واقع الحال، وهو أن يقرر التيار الوطني الحر أن يرضى بحصة من 10 وزراء، لأن أكثر من 10 وزراء يعني الثلث المعطل الذي يريد باسيل أن يحصل عليه ليوحي أنه تجاوز اتفاق الطائف من خلال الرئيس القوي".
ولا يرى أن اللقاء قد تم تحميله أكثر ما يستحق، لأن التشكيل فعليا متوقف على لقاء الحريري ـ باسيل، وهو اللقاء الذي إن حصل يعني أن باسيل رضي بـ 10 وزراء، لأن الحريري ليس بوارد أن يرضخ للضغوط مهما تأخر التشكيل ولن يذهب إلى حكومة يمتلك فيها فريقاً سياسياً واحداً الثلث المعطل، لأن هدف الرئيس المكلف إيجاد حكومة متوازنة لا يستطيع طرف بمفرده أن يعطلها. وبالتالي يفضل أن يُمنح التشكيل وقت أكثر ولا أن نذهب باتجاه حكومة تكون معطلة بسبب تركيبتها".
من جهته، يؤكد النائب في تكتل "لبنان القوي" ماريو عون أن لا شيء يمنع اللقاء بين الحريري وباسيل، فلا أي سوء تفاهم ولا أي خصومة، "لكن في الوقت الحاضر لا عناصر جديدة لدى الرئيس الحريري ولو كان كذلك لكان طلب الاجتماع بالوزير باسيل كونه أحد الأفرقاء على الساحة الحكومية".
ويرى عون في حديث لـ"ليبانون ديبايت" أنه يتم تحميل اللقاء أكثر من أبعاده والتعويل عليه كثيراً وكأنه ختام لأزمة التشكيل الحكومي. "موضوع التشكيل لدى الرئيس المكلف لا التيار، والحريري يعرف ما هي مطالبنا والتي هي منطقية جدا تقوم على مبدأ احترام الأحجام التي فرضتها الانتخابات النيابية. والمطلوب من الحريري حل العقد التي هي خارج نطاق التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي". ويتابع عون "القاصي والداني يعلمان أن العقدة درزية ومن ثم مسيحية لذلك نقول للحريري وفّر وقتك معنا لتلاقي الحلول عند باقي الأفرقاء".
وحول هدف التيار بالحصول على الثلث المعطل، يضحك عون قائلاً "اتهامنا بالتعطيل باطل، وهل يمكن أن نعطل أنفسنا، إنه عهد فخامة الرئيس ميشال عون وهو مؤسس التيار الوطني الحر. القضية قضية احجام لا تعطيل، ونحن متفقون على كل ما يريده الحريري لنفسه أو لحلفائه، لكن شرط ألا يكون على حساب التيار والتكتل".