كما أنها وجهة مميّزة للتوّاقين إلى محاكاة الطبيعة الجميلة والتفاعل معها. لكنّ القصة لا تنتهي هنا، بل لها ملحق يعكس جانباً آخر من الصورة.
ليس خافياً أنّ هناك نوعاً من الودّ يربط بين لبنانيين كثر وإيطاليا. بعضهم يحب البيتزا والباستا، وبعضهم الآخر يتحمّس لفريق «جوفنتوس» الذي ضمّ أخيراً كريستيانو رونالدو إلى صفوفه، وهناك مَن يقدّر لإيطاليا مساهمتها في القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان والتي يستعدّ الآن جنرال إيطالي لقيادتها بعد انتهاء ولاية الجنرال الإيرلندي مايكل بيري المغضوب عليه من الرئيس نبيه بري. وبين اللبنانيين ايضاً مَن تسرّه روابط القربى المتوسطية مع إيطاليا وآخرون يجدون في المافيا الإيطالية «عزاءً» يخفف عليهم من وطأة ويلات المافيا اللبنانية..
لكنّ ذلك كله لم يكن كافياً لامتصاص غضب مجموعة من اللبنانيين وصلت في الصباح الباكر أمس الى مطار روما، لتُفاجأ بزحمة خانقة في الممرات التي تقود إلى نقاط ختم جوازات السفر من قبل الأمن العام الإيطالي.
كانت الصفوف الطويلة من المنتظرين تتحرّك بوتيرة بطيئة جداً على إيقاع السلحفاة، وسط تململ كبير، فيما كان اصحاب الجنسيات المحظوظة يعبرون سريعاً من خلال «خط عسكري» يختصر عليهم الوقت والمسافة، وكأنّ هناك جنسية بسمنة وأخرى بزيت.
وما زاد الطين بلة هو أنّ عدد موظفي الأمن العام الإيطالي المعنيّين بختم جوازات سفر الواصلين كان منخفضاً بالمقارنة مع حجم الطوابير المصطفّة والتي يتطلّب إمرارها طاقة قصوى من العمل، خصوصاً في عزّ الموسم السياحي.
وإزاء هذا «الاختناق المروري» في المطار الإيطالي، شعر عدد من اللبنانيين الممتعضين بـ«التعاطف» مع مطار بيروت الدولي الذي يتعرض لانتقادات قاسية أحياناً على رغم أنّ الإجراءات فيه تتمّ نسبياً بسلاسة أكبر قياساً على نظيره الإيطالي.
وهكذا كنت تسمع بين اللبنانيين المتذمّرين مَن يهمس: «الآن عرفنا قيمة مطار بيروت.. عناصر الأمن العام اللبناني يعملون بطريقة أفضل وبحيوية أكبر.. إنهم يحتاجون هنا إلى عباس ابراهيم آخر.. أين أنت يا لواء؟»
بعد نحو ساعتين من الانتظار الثقيل أتى «الفرج» وتحقق «الإفراج». خارج المطار كانت الحرارة مرتفعة، فيما السائق- «الثعلب» يسلك دروباً جانبية للإفلات من زحمة السير على الطريق الدولية، ويتجاوز الإشارة الحمراء مرة بحجّة السهو.
إنها «عوارض لبنانية» بنكهة ايطالية، لكنها لا تلبث أن تزول بعد وصولك إلى قلب روما النابض وحلولك ضيفاً على إحدى أغنى الحضارات الإنسانية.
إبتسم، أنت الآن في حضرة التاريخ.