يتّسم الإقتصاد اللبناني بالمفهوم "الريعي " و هو نسبةً لإعتماد الدولة على مصدر واحد للريع أي "الدخل" و ذلك من خلال قطاع الخدمات بشقيه السياحي و المالي سواء كان عبر نمو حجم الودائع المصرفية و سندات الخزينة أو زيادة تحويلات المغتربين و الإقبال الهائل على سوق العقارات و الإستثمارات .
ولكن هذا الإقتصاد لا يمكنه تحقيق دورة إقتصادية متكاملة تؤمّن النمو الإقتصادي بل هو محفوف بالمخاطر لأنه ليس مبني على ركائز تنموية مستدامة تراعي التوازن بين القطاعات الزراعية و الصناعية و التجارية. فالإقتصاد الريعي يُساهم في تفاقم أزمة البطالة و هجرة الشباب و الأدمغة.
من هنا نتطلع إلى البقاع الشمالي و تحديداً إلى الأراضي المزروعة "بالحشيشة" التي تتهيأ لتدخل في إطار الشرعية غداة الحديث عن إقتراح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لمشروع قانون يعمل على تشريع زراعة الحشيشة لإستعمالها لغايات طبية و لبيع محصولها للدولة اللبنانية على غرار ما تقوم به إدارة التبغ و التنباك "الريجي" في جنوب لبنان .
إقرأ أيضا : هكذا تفاعل اللبنانيون مع قضية تشريع الحشيشة
الأمر الذي سيخلق فرص عمل جديدة في مجال صناعة الأدوية و سيؤمّن عائدات مالية لخزينة الدولة تفوق المليار و نصف الدولار أميركي بالإضافة إلى مدخول مالي للكثير من أهالي بعلبك الهرمل الذين أصبحوا على مشارف فوهة بركان لا يعرف توقيت انفجاره نتيجة لإنعدام أوضاعهم المعيشية و الأمنية و اتباع سياسة الحرمان مع هذه المحافظة المهمّشة منذ الحرب الأهلية حتى اليوم ، و عدم التزام الدولة في إيجاد حلول أو زراعات بديلة لهم .
في المقابل يتخوّف الكثيرون من عدم تنظيم هذا القانون عملياً في ظل ما يشهده لبنان من جرائم سببها تعاطي المراهقين و الشباب للمواد المخدّرة هرباً من مشاكلهم الإجتماعية و الإقتصادية رامين بأنفسهم نحو الموت البطيء. كما سيستفيد تجار و مافيات الحشيشة من هذا القانون لمضاعفة ثرواتهم عبر تصدير أجود أنواع الحشيشة باعتراف الجميع إلى دول أوروبا و أميركا الجنوبية محققين أرباح خيالية ، لذلك يجب على الدولة و أجهزتها الأمنية مراقبة تطبيق هذا القانون بحال إقراره لأنه سيف ذو حدين .