لم يترك اللواء جميل السيد نعتاً قبيحاً إلاّ ووصمهُ بالطبقة السياسية ودولتها الفاسدة في تغريدة صباحية جديدة بالأمس: دولة النفايات والفساد والنهب والشلل الحكومي، والمحاصصة الطائفية وتلوُّث الماء والهواء، حتى خُيّل لنا أنّ اللواء انضمّ إلينا في جوقة المعارضة لهذا النظام ومخازيه، وإذ كان يتوجب علينا الترحيب بقدومه وتشجيعه، وذلك لعلوّ مقامه في المخابرات والأمن العام بالأمس والمجلس النيابي اليوم، إلاّ أنّ اللواء عاد وخيّب آمالنا، فقد جاءت تغريدته في معرض النّيل من جانب القوات اللبنانية، وتغريدة الدكتور سمير جعجع الذي رأى في مهرجانات الأرز صورة حضارية للبنان، تختلف عن تلك التي يراها العرب في الأخبار.
إقرأ أيضًا: الدكتور جعجع يفترض دائماً مسافةً ما بين الرئيس عون والوزير باسيل
خيّب آمالنا اللواء كعادته، بالأمس القريب أراد النّيل من الرئيس نبيه بري عبر أعوانه، ليعود فيعتذر ويضع بري في مصاف "الكبار"، واليوم أين تراهُ وجد عند القوات اللبنانية شُبهة فسادٍ أو نهبٍ للمال العام، أو محاصصة أو صفقة نفايات أو كهرباء أو تلوُّث بيئي ؟ لكن داء العمى صعب يا أهل الله، فالقوات شاركت مرّةً واحدة في حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق الدوحة عام 2008، فقدّمت أفضل ما عندها: البروفسور إبراهيم النجار وزيراً للعدل، وبعد أن أطاح تيار اللواء الممانع بحكومة سعد الحريري بحُجّة الشهود الزور، غابت القوات عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وكذلك عن حكومة الرئيس تمام سلام، أمّا في الحكومة الحريرية الحالية فالقاصي والداني يشهد لوزراء القوات بالشفافية والإنتاجية ومكافحة الفساد وعرقلة الصفقات المشبوهة، وقبل هذا وذاك إعادة الإعتبار للمسؤولية الوطنية، المسؤولية الوطنية التي يبدو أنّ سعادة النائب السيد قد فقدها مُجدّداً فور دخوله المجلس النيابي، وهو سيُجاهد طوال مدّة ولايته النيابية في دفع متوجبات فواتير الثنائية الشيعية التي رفعتهُ إلى مصاف نائب عن الأمة.
عدا رجلٌ من أهل العسكر بين يدي الخليفة العباسي المأمون، فلمّا انقضى كلامُه ، قال له بعض من يسير بقربه: يقول لك أمير المؤمنين، اركب. فقال المأمون: لا يُقالُ لمثل هذا: اركب، إنّما يُقال لمثل هذا: انصرف.
يُستحسن يا سيادة اللواء النائب أن تحترس من اليوم الذي سيُقال لك فيه: انصرف.