بعد ارتفاع نسبة النمو الأميركي إلى 4.1 في المئة في الربع الثاني الماضي، والذي يعد الأعلى منذ 4 سنوات، أصبح مجلس الاحتياط الفيديرالي في مواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرافض سياساته في رفع أسعار الفائدة.
وقال مصرفيون لـ «الحياة»، أن «النمو في الاقتصاد الأميركي ناتج من ارتفاع في الطلب وليس من تحسن في العرض بسبب انخفاض في تكاليف الإنتاج».
وتباينت أراء البعض حول تنفيذ الفيديرالي الأميركي زيادة أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، لكنهم أجمعوا على أن الأمور بعد تصريحات ترامب تضغط على المجلس، والتي تشكل سابقة من البيت الأبيض الذي يؤكد ضرورة استقلالية مجلس الاحتياط وعدم التدخل في قراراته، إلا أنه نفذ العكس.
ووفق إحصاءات وزارة التجارة الأميركية، يعود تحسّن إجمالي الناتج المحلي الأميركي بين نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو) الماضيين، وهو الأعلى من الوتيرة السنوية منذ الربع الأخير عام 2014، إلى إقبال الأميركيين المتزايد على شراء السيارات، والى الزيادة في مبيعات النفط والصويا إلى الخارج.
وتأتي تلك المؤشرات متوافقة مع توقعات الفيديرالي باستمرار الأداء القوي للربع الثالث وبقية السنة الحالية، وبالتالي مواجهة التضخم في أميركا تستدعي استخدام الأداة النقدية والمتمثلة في رفع أسعار الفائدة لضبط إيقاع ارتفاع الأسعار، رغم تأثيرها على النمو، وبالتالي مخالفة توجهات الرئيس الأميركي الهادفة الى النمو بغض النظر عن أثرها على التضخم، ما يؤكد انقلاب ترامب على مجلس الاحتياط الفيديرالي.
وتعتمد البنوك المركزية نوعين من السياسات، الأول انكماشي، بهدف ضبط التضخم في حال ارتفاعه، ليشمل خفض المعروض النقدي والحد من القروض. ويتم ذلك عبر رفع معدلات الفائدة، كإحدى الأدوات التي تؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي والإنفاق على السلع والخدمات، وبالتالي انخفاض أسعار هذه السلع وتحقيق الهدف المرجو - أي الاستقرار الاقتصادي.
وأعلن الفيديرالي عمليات الإنهاء التدريجي لبرنامج شراء الأصول (التيسير الكمي) في عام 2014.
أما السياسية التوسعية، فتنتهجها البنوك المركزية في حالة الانكماش أو الركود الاقتصادي، وهي تقوم على خفض أسعار الفائدة من أجل زيادة الاقتراض والمعروض النقدي في السوق. وتعني زيادة المعروض النقدي في السوق ارتفاعاً في الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي ارتفاع الطلب على القروض بهدف الاستثمار.
وفي بداية الأزمة المالية عام 2008، اتخذ الفيديرالي سياسية الأموال رخيصة الكلفة لتشجيع النمو.
ويعوّل البيت الأبيض على نمو أسرع للتعويض عن الخفض الكبير في الضرائب في كانون الأول (ديسمبر) من خلال توليد عائدات أكبر. إلا أن عائدات الضرائب الفيديرالية تتراجع، ما يزيد من عجز الموازنة بينما تزداد كلفة الاقتراض بسبب ارتفاع معدلات الفائدة. وفي مقابلة سابقة بثّتها محطة «سي أن بي سي»: قال ترامب «لست راضياً» عن السياسة النقدية التي ترفع أسعار الفائدة تدريجياً، «لكن في الوقت ذاته، أتركهم يفعلون ما يعتقدون أنه الأفضل». يُذكر أن رئيس الفيديرالي جيروم باول، الذي عينه ترامب في 2017، ليحل مكان الرئيسة السابقة جانيت يالين التي انتهت ولايتها، وصفه الرئيس الأميركي بأنه «قوي وملتزم وذكي»، ويتحلى بـ «الحكمة و(الروح) القيادية لتوجيه» الاقتصاد الأميركي. وأشار إلى أن باول، وهو مصرفي سابق، سيجلب معه «تجربة تجارية فريدة». واعتبر اختياره أحد أهم القرارات الاقتصادية لولاية ترامب.