لسنا بحاجة للكثير من البحث والتمحيص لنكتشف حقيقة الظلم اللاحق بالأمهات بشكل خاص وبالمرأة كإنسان ومواطنة بشكل عام في المجتمع اللبناني .
فالعقلية الذكورية المهيمنة على طريقة عمل مؤسسات المجتمع وتفكير اللبنانيين ، باتت تُشكِّل خطراً حقيقياً على النسيج الإجتماعي ووحدة الأسر ، وتكريس واقع الظلم بحق المرأة الذي بات معياراً للرجولة في مجتمعنا اليوم للأسف .
وإن كان الدين هو وسيلة لتحقيق العدل بين البشر ، إلاّ أن العقلية الذكورية إستطاعت أن تدخل إلى المؤسسات الدينية وتُخضع أحكام الفقه لصالح الرجل ، في تناقض رهيب مع العقل ومفهوم العدالة التي نادت به الأديان .
هذا الغبن نسمعه يومياً عبر قصص تحصل في مجتمعنا لا في المسلسلات فقط ، وآخرها الفضيحة التي حصلت في المحكمة الجعفرية في النبطية بعدما أصدرت قراراً يسمح لأبٍ سبق أن سُجن بتهمة التحرّش بابنتيه ، برؤيتهما وأن يبيتا عنده في البيت لليلة واحدة .
ونصّ القرار الشرعي على تسليم الطفلتين للوالد لرؤيتهما من الساعة الرابعة عصراً من نهار السبت حتى الرابعة عصراً من نهار الأحد من كل أسبوع ، وهو قرار مجبرة الأم على تنفيذه رغم أن الوالد قد سبق أن تحرّش بالطفلتين .
وجاء قرار المحكمة الجعفرية رغم صدور قرار من القاضي المدني ينصّ على حماية الطفلتين من والدهما ويمنعه من الإقتراب من أي مكان يتواجد فيهما .
هذه القضية أشعلت الرأي اللبناني ، وسارعت صفحة حراك " ثورة إمرأة شيعية " على الفايسبوك للدعوة إلى الإعتصام في ساحة السراي بالنبطية ، وهي صفحة أنشأتها المحامية فاديا حمزة .
وجاء في نص الدعوة ما يلي:
" من فمكم ندينكم . .
وأخيرا قالها رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السيد علي مكي ...
" هذه محاكم حمراء لا ينقصها إلا البنزين لتحترق " ويعني بها المحاكم الجعفرية في لبنان
ونحن نقول له " أهل مكة أدرى بشعابها "
رفضا" للظلم اللاحق بالمرأة المنتهكة حقوقها ك زوجة وأم في المحكمة الشرعية الجعفرية ،
ورفضاً لإنتهاك حقوق أطفالنا وحماية لهم ، ودعماً لحق الأمهات في حضانة أطفالهن ،
فإننا ندعوكم للتجمع والإعتصام لرفع الصوت عالياُ للقول لمن صُمّت آذانهم كفى صمتاً ، طفح الكيل ولتسجيل موقفنا الرافض للقرار الأخير الصادر عن المحكمة الجعفرية والذي أحدث بلبلة واستنكار الرأي العام وللمطالبة أيضاً :
١- بتعديل سن الحضانة للصبي أسوة بالفتاة لعمر السبع سنوات على أن يُنظر بعدها في مصلحة الطفل عبر أخصائية نفسية وإجتماعية.
٢- مراعاة حقوق الطفل وتطبيق إتفاقية حماية حقوق الطفل الموقّع عليها لبنان والملزمة له والتي تسمو على القوانين الداخلية.
٣- تفعيل طلاق الحاكم الشرعي في المحكمة الشرعية وفي المكاتب الشرعية التي تملك اجازات من المراجع العظام والعمل على إلزام المحاكم الشرعية الجعفرية بتنفيذ الطلاقات المسندة إليه.
٤- تقصير أمد المحاكمات الطويلة وتفعيل دور التفتيش في المحاكم الشرعية.
٥- العمل على سن قوانين واضحة ومدونة بحيث يمكن الاطلاع عليها .
٦- العمل على إلغاء المواد ٩٩٨ و ٨٤٥ من قانون أصول المحاكمات المدنية.
هبّوا للدفاع عن حقوقكم وحق أمهاتهم وبناتكم ،
بيكفي صمت - بيكفي ظلم -
بيكفي ذل - بيكفي دموع
#ثورة_إمرأة_شيعية
المكان : النبطية _قرب السراي
الزمان : نهار الجمعة الموافق فيه ٢٠١٨/٧/٢٧ الساعة الخامسة عصراً".
إقرأ أيضا : دعوة لإعتصام في النبطية رفضاً للظلم اللاحق بالمرأة من قبل المحكمة الجعفرية
وكان لموقع لبنان الجديد حديث مع المحامية فاديا حمزة ، التي دعت ونظِّمت هذا الحراك والإعتصام .
قالت حمزة أن" أسباب الإعتصام هي الأحكام الظالمة التي تصدر من المحكمة الجعفرية بحق المرأة والطفل ونحن نطالب بتعديل سن الحضانة وتفعيل طلاق الحاكم الشرعي وتثبيت طلاقها حيث أن هناك مشاكل توُاجهها بعض النساء عندما تحصل على الطلاق من بعض المكاتب المختصة بمنح الطلاق فقهياً على أساس المذهب الجعفري والمستقلة عن المحكمة الجعفرية لكن المحاكم يمتنعون تثبيت طلاقهم بسبب صراعات نفوذ بينها وبين هذه المكاتب ، والتي تدفع ثمن هذا الصراع هي المرأة ، فهناك حالات زواج تحصل وأطفال يُولدون دون أن يُسجِّلوا في الأحوال الشخصية بسبب هذه المشاكل ".
وأضافت حمزة " نطالب أيضاً بتأمين حقوق ومصلحة الطفل وأن يكون هناك أخصائية إجتماعية نفسية ، فالطفل بالأخير له مشاعر ولا تُحلّ المشاكل على مبدأ كن فيكن ".
كذلك تحدّثت الأستاذة فاديا حمزة عن القوانين المتعلّقة بسجن الأم ، فأكدّت أن حملة " ثورة إمرأة شيعية" تُطالب " بتعديل نصوص هذه القوانين ، وهي نصوص متعلّقة بالأمّ والأب ّ أيضاً ، فمن أصول المحاكمات المدنية من الخطأ أن يتم سجن أبّ وَأَمّ كرمال حكم لأطفالهم ومن غير المنطقي ذلك ، وهذا بحاجة إلى نظام قاضي أسرة ونظام قانوني أوضح يأخذ بعين الإعتبار أي تطوّر يحصل داخل الأسرة ،فهناك العديد من الأساليب القانونية يجب البحث بها ".
وتابعت قائلة :" نُطالَب أيضاً بإلغاء النص القانوني رقم ٨٤٥ ورقم ٩٩٨ من أصول المحاكمات المدنية ، المتعلّق بالسماح للقوى الأمنية الدخول عنوةً للبيت وإنتهاك حرمته من أجل تنفيذ قرار تسليم حضانة ، وهذا يُشكّل رعب حقيقي كما حصل مع قضية ميساء وإبنها والتي بثّته قنوات تلفزيونية ".
وتحدّثت حمزة عن جملة من المطالب الإضافية ك " تدوين القوانين وتقصير أمد المحاكمات لأن بعض القضايا تبقى في المحكمة لعشرات السنين بسبب لامبالاة القضاة ، فبعض النساء ينتظرن القاضي أشهر ولا يجتمع معهن أكثر من ١٠ دقائق ثم يُؤجّل موعد إصدار الحكم لأشهر أخرى ..."
هذه المشاكل دفعت حمزة إلى إنشاء صفحة على الفايسبوك بعنوان " ثورة إمرأة شيعية " لتسليط الضوء على كل ما يتعلّق بحقوق النساء والظلم اللاحق بها وأوجاعهن ، ورغم أنها حقوقهن ، فإن المحكمة الجعفرية تقوم بإبتزازهن بها .
لذلك قام حراك " ثورة إمرأة شيعية " بالأمس بأول تحرّك شعبي على الأرض ونُظِّم إعتصام شاركت فيه عدد من النساء للقول :" كفى رشاوى ، كفى فساد ، كفى إبتزاز وكفى ظلم للمرأة ".
فهل ستسمع المحكمة الجعفرية لأصوات وأوجاع هذه النساء ؟