شكّلت الأحداث الأخيرة في منطقة البقاع وخصوصاً ما حصل في الحمّودية خلال مداهمة قام بها الجيش اللبناني للمطلوب علي زيد اسماعيل محطة بارزة في تاريخ المنطقة وما يتصل تحديدا بحزب الله وامتداداته على صعيد منطقة البقاع، فلا يمكن اعتبار ما حصل حادثاً عادياً، لأن ما حصل وضع حزب الله أمام مرحلة خطيرة فتحت الباب واسعا أمام حالة انقلاب حقيقية تشهدها المنطقة على حزب الله من مؤيديه ومعارضيه على حد سواء فهل حان وقت المحاسبة؟
اعتبر حزب الله على مدى عقود من الزمن أن منطقة البقاع تشكل الحاضنة الأساسية للمقاومة ومن البقاع انطلقت بدايات التأسيس وكان الرهان على البقاع كبيرا جدا في المقاومة ودحر الإحتلال، ولم يبخل هذا البقاع في يوم من الأيام بتقديم الغالي والنفيس وبقي الى اليوم خزان المقاومة.
حزب الله الذي أخذ كل شيء من البقاع دماء وشهداء وانتخابات وأصوات وجرحى ومعوقين، لكنه في المقابل لم يقدم لهذا البقاع، لأهله وناسه، أي شيء بالرغم من استيلاء الحزب على مقاعد البقاع النيابية بالكامل على مدى أكثر من عشرين عاما، فبقي البقاع عرضة لكل أشكال التهميش والحرمان والفقر والبطالة واللامبالاة، بقي محروما من أبسط حقوقه في التعيينات والتوظيفات والإنماء والمشاريع، وفي الوقت نفسه وعلى أعين كل البقاعيين من المنتمين لحزب الله وغيرهم يعيش كوادر الحزب ومسؤولوه حياتهم بعيدا عن كل هذه المعاناة رفاهية مطلقة على كل المستويات فيما أخذت الطبقية طريقها الى الحزب وسيطرت شبهات الفساد على كل المسؤولين والكوادر بل وأكثر من ذلك اتهامات كثيرة بالإتجار بالمخدرات وهي القضية الأخيرة التي فتحت الباب واسعا للإنقلاب على حزب الله.
الأحداث الأخيرة وما سبقها جعلت من كل بقاعي حر صوتا ضد الفساد وضد الإهمال وضد الحرمان وضد اللامبالاة التي يعتمدها الحزب كسياسة مقصودة في التعامل مع البقاع وأهله وناسه، وأيقنت شرائح كبيرة أن الوقت قد حان لقول الحقيقة، والحقيقة أن مؤامرة حزب الله على البقاع يجب أن تنتهي وأن محاربة الفساد التي دعا إليها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يجب أن تبدأ من هنا، ويجب محاسبة كل الماضي الحزبي الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد من الفساد، فلم يعد الحزب في البقاع بمنأى عن المحاسبة وكشف الحقائق والأشياء بمسمياتها.
ما يجري اليوم في بعلبك الهرمل انتفاضة حقيقية بل انقلاب على حزب الله لفشله وإهماله وعلى ظاهرة الفساد التي ضربت الهيكل التنظيمي للحزب في المنطقة بأكمله.
إن الواقع الجديد في بعلبك الهرمل أبعد من لحظة غضب وأبعد من ردود فعل على حادثة هنا أو هناك وإن كانت الحادثة الأخيرة في الحمودية فتحت الباب واسعا أمام واقع جديد هل فقد الحزب قوته الشعبية في البقاع خزّان المقاومة؟ هل سقطت أوراق الحزب بلعنة الفساد والمخدرات؟ هكذا تسقط الدول والأحزاب.