إذا كان اهتمام كبار المسؤولين اللبنانيين بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الروسي بوتين لعودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم بالتفاهم بين الروس والنظام السوري طغى أمس على كل الاهتمامات اللبنانية الأخرى بما فيها الملف الحكومي الذي لا يزال عالقاً بسبب الخلاف القائم بين القوى السياسية الرئيسة على الاحجام، وعلى توزيع الحصص بينها بشكل يوفّر التوازن داخل الحكومة العتيدة، بما يحول دون استئثار فريق الممانعة بالسلطة عبر تفرده بالقرارات التي تتخذها الحكومة العتيدة بعد تشكيلها، رغم كل ذلك لا تزال موجة التفاؤل التي أشاعها الرئيس المكلف سعد الحريري بعد اجتماعه المطوّل مع رئيس الجمهورية بوصفه الشريك الأساسي في تأليف الحكومة وفق ما نص عليه اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق عنه، لا تزال تتفاعل في الأوساط السياسية بشكل واسع بما يشير بأن الحكومة العتيدة ستبصر النور قبل عيد الجيش في الثاني من الشهر المقبل، وتعززت هذه الأجواء بعد اجتماع الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري على هامش الاجتماع الذي عقد أمس بين الوفدين اللبناني والروسي الذي وصل أمس إلى بيروت ناقلاً إلى المسؤولين اللبنانيين تفاصيل مبادرة الرئيس بوتين لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم بموافقة الرئيس السوري بشار الأسد بضمانة القيادة الروسية، الا أن هذه الأجواء التفاؤلية التي تحرص بعبدا وبيت الوسط على اشاعتها لا تعكس حقيقة الوضع السائد على الساحة الداخلية والذي عبرت عنه بعض القوى المعنية مباشرة بعملية تأليف الحكومة، وفي مقدمتها القوات اللبنانية التي أكدت بلسان رئيسها الدكتور سمير جعجع على تمسكها بالحصول على خمسة وزراء في الحكومة الثلاثينية، أو الرد القاسي عليه الذي جاء من نواب تكتل لبنان القوي الداعم لرئيس الجمهورية وتصميمه على ان تكون حكومة العهد الأولى على صورته ومثاله بما يعطيه الفرصة لاستثمار هذا الوضع من أجل تحقيق مشروعه الرئاسي، وفضلاً عن تمسك كتلة اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط بالمقاعد الدرزية الثلاثة في الحكومة المقترحة وعدم استعداده تحت أي ظرف من الظروف التنازل عن هذا الحق أو الدخول في مساومة مع أحد على حساب حقه الذي أعطته إياه نتائج الانتخابات النيابية، ولا يُمكن في هذا السياق اغفال الموقف الثابت للرئيس المكلف الرافض لإشراك أحد النواب السنّة من خارج تكتل نواب المستقبل.
إن هذه العقبات الثلاث التي أخرت حتى الآن عملية التأليف كما يقول فريق الممانعة، وفي مقدمتهم رئيس التيار الوطني الحر الوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ما زالت على حالها ولم ينجح الرئيس المكلف في الحصول على أية تنازلات من هذا الفريق تجعله يشيع هذه الموجة من التفاؤل الا إذا كان حصل من رئيس الجمهورية على وعد بإعطاء القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي ما يطالبان به في الحكومة العتيدة، وتنازل التيار الوطني الحر عن تمسكه بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة والعودة بالتالي إلى تطبيق ما نص عليه اتفاق معرّاب، ويبدو حتى الآن انه لا التيار ولا رئيس الجمهورية في هذا الوارد، الا إذا كانت الضغوط الدولية، بدءاً من مجلس الأمن الدولي وانتهاء بالولايات المتحدة الأميركية قد اثرت في مجريات الأمور على الساحة الداخلية، واقنعت رئيس الجمهورية وفريقه السياسي بتسهيل مهمة الرئيس المكلف والتعاون معه للوصول إلى تأليف حكومة اتحاد وطني تلتزم بسياسية النأي بالنفس، وتعيد الاعتبار لاستقلالية القرار اللبناني الحر.
تفاؤل أم تشاؤل؟
تفاؤل أم تشاؤل؟عامر مشموشي
NewLebanon
لا تزال تتفاعل في الأوساط السياسية بشكل واسع بما يشير بأن الحكومة العتيدة ستبصر النور قبل عيد الجيش في الثاني من الشهر المقبل
التعريفات:
مصدر:
اللواء
|
عدد القراء:
1112
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro