بعد القمّة الأميركية - الروسية، وبعد تطورات الوضع في درعا السورية، كيف سيكون التعامل الدولي مع النظام السوري، وسط المطالبة الاميركية بخروج ايران وحلفائها من سوريا؟
تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، انه باستثناء الاميركيين الذين يحاولون ادارة الوضع السوري مع الروس، فان ليس هناك من دولة غربية تريد التدخل في الازمة السورية. وهناك شكوك كبيرة بالنسبة الى جدية تعاون الروس تجاه الطلب الاميركي بالحد من نفوذ ايران في سوريا، ذلك ان هناك تخوفاً من ان يعمد الروس الى اطلاق وعود للاميركيين في هذا الاطار، من دون ان يتخلوا عن الايرانيين. اولاً ليس في مقدور روسيا اخراج ايران من سوريا. وثانياً، ليس مؤكداً انها ستعمل جدياً على اخراجها. قد يكون هناك وعود ومماطلة من اجل كسب الوقت، لكي يستفيد النظام ويعيد سيطرته، بالتعاون مع الروس، على ادلب بعد درعا. الامر الذي ان حصل، يوسّع رقعة سيطرة النظام، في حين ان الاميركيين لن ينسحبوا من الشرق السوري الا بحل سياسي، وكذلك تركيا. ومن المستبعد ان يتمكن النظام من ان يحكم كل سوريا، اذ سيبقى الوضع متوتراً وستبقى التفجيرات قائمة، واذا تخلت عنه في لحظة ما كل من روسيا وايران، فسيسقط حتماً.
وتشير المصادر الى ان النظام الآن، ولو استعاد درعا، فهو يعتبر معزولاً دولياً. وأول خطوة بالنسبة اليه والى حلفائه في لبنان، من اجل فك عزلته، هي التواصل مع لبنان. ويشكل موضوع النازحين احد ابرز الحجج التي يضغط عبرها حلفاؤه في لبنان للتواصل رسمياً مع النظام، ولكي تشكل بوابة لعودة هذا التواصل، لكن الاهم الصمود اللبناني في وجه اية ضغوط انتظاراً لما سيرسو عليه الوضع السوري في المرحلة المقبلة، ولمعرفة التوجهات الدولية الشاملة حياله.
في الحرب وبمعاونة الروس ربح النظام، لكن السؤال هل سيستطيع ان يحكم وكيف؟، وهو يريد فك عزلته انما الروس والايرانيون لن يعمروا سوريا، والغرب لن يساهم بدولار واحد، في ظل السيطرة الروسية. وطالما لم يتم بعد التوصل الى حل سياسي، فهل يُرسي الاميركيون والروس حلاً سياسياً يمهد لإعادة الإعمار؟
كذلك لن يستفيد الغرب من المشاركة في الاعمار في ظل السيطرة الروسية. وادارة ترامب تقول للاوروبيين ان عليهم تسديد الاموال لحمايتهم من الروس. وسيتكشف من اللقاءات الاميركية - الروسية المرتقبة في ضوء نتائج القمة، ما اذا فعلاً سيتم العمل لتسوية سورية توفر توازناً سياسياً معقولاً أم لا.
والسؤال اذا كانت سياسة ترامب الاساسية هي إضعاف النفوذ الايراني فكيف سيشارك في اعمار سوريا من دون انسحاب ايران وروسيا منها؟ والسؤال ايضاً "هل ستساهم واشنطن في اعادة الاعمار في ظل سلطة النظام، وليس في ظل الوجود الايراني، وهل ستسمح لصندوق النقد الدولي، وللبنك الدولي المساهمة في الاعمار؟ لذا ليست هناك من توقعات قريبة بحل سياسي، ولا سيما إذا سمح الروس للنظام بأن يسيطر مجدداً على ادلب. وكذلك لن يكون واضحاً منذ الآن مصير المناطق التي يسيطر عليها الاميركيون والاتراك والاكراد في الشمال والشرق. وبالتالي، تستبعد المصادر ان يكون المجتمع الدولي توصل الى مرحلة اعادة تعويم النظام والتواصل معه. وكيف سيقبل المكلف الغربي المساهمة في اعادة الاعمار في ظل رئيس متهم بقتل شعبه من دون محاسبة.؟ وأين هو مصير التحقيقات باستعمال السلاح الكيماوي، وبخرق اتفاقات حقوق الانسان؟ ثم ان حكم المحكمة الخاصة بلبنان قد اقترب، لذلك لا يمكن بحسب المصادر، ان يكون هناك استنتاج ان النظام هو على طريق اعادة التأهيل دولياً، ولم يتم بلوغ هذه النقطة، واذا ما قورن الوضع السوري بكوريا الشمالية سابقاً، فان حاكمها كان يعيش بعزلة دولية، وليس لمجرد ان يحكم يجب على الدول ان تنفتح عليه.
ورجحت المصادر، أن يبقى الوضع الراهن في سوريا سنوات، الا اذا استجد عنصر ما يجعل النظام ينخرط في تسوية حقيقية ومتوازنة.