مع مطلع بداية الأسبوع التاسع على التكليف،مرّ دون حدوث أي جديد يذكر باستثناء بعض الاشارات التي تشير إلى أن الأمور لازالت في المربع السلبي،وعلى ضوء تأخر عودة الرئيس المكلف،ودعوة الرئيس نبيه بري اللجان النيابية المشتركة لدرس مشاريع إقتراحات قوانين، بالاضافة لدعوته الى التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية للتنسيق،بما يتعلق بعودة النازحين السوريين. أما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة فالمعطيات لا تكتفي بالاشارة إلى أن العقد ما تزال على حالها،إن لم تكن تفاقمت.فبعد المعلومات التي نسبت إلى مصادر بعبدا عن رغبة،حول مهلة اسبوعين،للتشكيل او بعدها ينزع التكليف من الرئيس المكلف بعريضة من 80 نائباً، إلا ان اوساط مطلعة وقريبة من قصر بعبدا تحدثت عن ما هو مطلوب من الرئيس سعد الحريري:
1-- صيغة حكومية يقبلها رئيس الجمهورية.
2-- تتمكن من خلال تمثيلها وبرنامجها أن تنال ثقة البرلمان.
وبناءاً على هذين الشرطين يمكن أن تطرح المخاوف :ماذا يعني مقبولة من الرئيس،هل يعني مثلاً ان يتمثل طلال ارسلان عن الدروز وهل يعني أن تتمثل"القوات"بثلاثة وزراء فقط بالوقت الذي تطالب بخمسة منها واحدة سيادية؟
وإن لم تكن الصيغة هكذا،يقوم الرئيس برفضها،فماذا تكون النتيجة..
وكيف يمكن حلحلة العقد،وبالنسبة للشرط الثاني،هل تعني الثقة الممنوحة إذا تم التوافق،سحب الثقة إن لم يتم التوافق.
على الرغم من هذه المعطيات برز خبر من موسكو فتَح كوة في جدار الأزمة فدخل منها بصيص أمل بأنَّ الحلول لا بد آتية. الخبر يقول إنَّ موسكو قدمت للولايات المتحدة مقترحات حول تنظيم العمل لعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، وتشكيل مجموعة مشتركة لتمويل إعادة إعمار البنية التحتية السورية. ويفصِّل الخبر أنَّ الإتفاقات توصَّل إليها الرئيسان الروسي والأميركي خلال قمة هلسنكي، والتي شهدت تقديم مقترحات محددة من الجانب الروسي إلى الجانب الأميركي حول تنظيم عملية عودة اللاجئين إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب.
والأهم من كل ذلك أنَّ الأولوية ستكون لعودة اللاجئين من لبنان والأردن، وتشكيل مجموعة عمل مشتركة روسية - أميركية - أردنية برعاية مركز عمان للمراقبة، وكذلك تشكيل مجموعة عمل مماثلة في لبنان.
إقرأ أيضًا: البلد محكوم بالغلبة لا بالدستور
يعني هذا الأمر، الإستنتاجات التالية:
الأول أنَّ الحرب في سوريا محتمل أن تكون بدأت تضع أوزارها وأنَّ قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين هي التي وضعت خط النهاية لهذه الحرب.
الإستنتاج الثاني أنَّ عودة النازحين لم تكن بالإمكان أن تتم إلا من خلال اتفاق دولي ورعاية دولية ومتابعة دولية، وهذا الذي بدأ يحصل.
الإستنتاج الثالث أنَّ ما حصل هو جهد دولي، وهذا الإستنتاج ضروري لئلا يخرج أحد في الداخل مَن يقول إنَّ هذا التقدّم ما كان ليحصل لولا جهودي.
الدور اللبناني اقتصر على الترحيب، حيث اعتبرت مصادر دبلوماسية لبنانية أنَّ القرار الروسي يمثّل إجراءً عملياً متكاملاً، لتأمين العودة الآمنة وأنَّ هذه الخطة البناءة هي بمثابة تحوّل في مقاربة الملف السوري بعد الحرب، حيث ستترافق عملية إعادة الإعمار مع عودة النازحين واللاجئين ما يؤمِّن الإستقرار لسوريا ودول الجوار كذلك، لا سيَّما لبنان الذي عانى من تداعيات سلبية مرهقة أثَّرت على الأمن والإقتصاد بشكل كبير.
لكن السؤال الكبير يبقى:
ما هي الآلية اللبنانية التي ستواكب هذا التطور؟
حتى الآن لا آلية معروفة في ظل بقاء السلطة التنفيذية على حكومة تصريف أعمال، وفي ظل عدم القدرة على تشكيل الحكومة، ويبدو أنَّ هذا الامر ما زال قائماً، وليس في الأفق ما يشير إلى حلحلة.
فوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، المكلَّف عملياً من قبل رئيس الجمهورية في التفاوض مع الرئيس المكلف سعد الحريري، هو في واشنطن للمشاركة في الخارجية الأميركية في مؤتمر تعزيز الحرية الدينية في العالم. السؤال هنا:
في هذه التظاهرة هل سيُتاح لرئيس الدبلوماسية اللبنانية الوزير جبران باسيل لقاء وزير الخارجية الأميركي الداعي لهذا المؤتمر؟
إذا تمَّ اللقاء فإنَّ لبنان سيعرف من أحد جانبي إتفاق هلسنكي، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه لجهة البدء بهذا التحدي الكبير.
أعوام سبع من قدوم النازحين السوريين إلى لبنان، والذي قارب عددهم المليون ونصف المليون، فما هو الوقت الذي ستستغرقه عودتهم؟
لبنان مقبل على مهمة كبيرة إسمها عودة النازحين، فهل تتم مواجهتها بحكومة تصريف أعمال؟