قبل ان يزور الرئيس المكلف سعد الحريري قصر بعبدا، قبل نهاية الأسبوع، وثمة معلومات رشحت ان تكون الزيارة اليوم, أعلن، على نحو قاطع «لست ملزماً بأي مهلة لتقديم مشروع حكومة وبالتالي فإن العملية تخضع لمسارات عملية، وليس لتحكم زمني أو أية مهلة، مع ان الأولوية هي لتأليف الحكومة».
على الضفة الرئاسية، ترقب وتحذير وانتظار، وعدم حصر المراوحة بلعبة الحصص والتحالفات المسهلة أو المعطلة، بل تأشير على أسباب إقليمية - دولية تغطي مرحلة المراوحة وما شاكل..
والأبرز في المواقف، ما أعلنه النائب جورج عدوان من عين التينة، ان هناك رئيساً مكلفاً «هو من لديه المهمة الأولى ليعرض الحكومة التي يرى انها تجد الإجماع أو التفاهم الوطني العريض، لأننا لا نتحمل في هذا الظرف سوى وجود حكومة تضم تفاهماً وطنياً عريضاً»، ناقلاً عن الرئيس برّي انه يدعم ان يقدم الرئيس الحريري تصوراً للتفاهم الذي يراه أنه ينقذ لبنان ويشكل الحكومة..
واستبعد فكرة تجاوز الرئيس المكلف، وهو لديه «دعمنا ودعم رئيس المجلس، وهناك تمسك من رئيس المجلس ومنا بالدستور الذي يعطيه الصلاحية مع فخامة الرئيس»..
«عنق الزجاجة»
ومع عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، تحرّكت اتصالات تشكيل الحكومة، وسجل على هذا الصعيد لقاء في منزل الوزير غطاس خوري ضمه والوزير ملحم رياشي عن «القوات اللبنانية» والنائب وائل أبو فاعور عن الحزب الاشتراكي، فيما كان لافتاً للانتباه، موقفان بارزان اوحيا ان مسألة التأليف ما تزال عالقة في «عنق الزجاجة» على حدّ تعبير النائب عدوان بعد لقائه الرئيس برّي.
الموقف الأوّل أعلنه الرئيس الحريري، حين أكّد انه «ليس ملزماً بأي مهلة»، وأنه «لم يضع لنفسه أي مهلة للتأليف»، وهذا يعني عملياً ان مهلة الأسبوع أو الأسبوعين التي حددها قبل سفره إلى مدريد ولندن، لم تعد واردة في حسابات الرئيس المكلف.
اما الموقف الثاني، فهو التحذير الذي اطلقه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، من انه إذا لم تشكّل الحكومة هذا الشهر، فسنكون امام مشكلة على صعيد الموازنة، وبالتالي العودة إلى الاتفاق على القاعدة الاثني عشرية.
ولم يشأ الرئيس الحريري أيضاً ان يحدّد لنفسه موعداً لزيارة قصر بعبدا، وان كان أكّد في دردشة مع الصحافيين، على هامش الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» النيابية في «بيت الوسط» انه سيزور رئيس الجمهورية قريباً، مشيراً إلى انه يتابع اتصالاته في ملف تأليف الحكومة.
ولا تستبعد مصادر في «القوات اللبنانية» ان يطرح الرئيس الحريري، خلال زيارته المرتقبة إلى قصر بعبدا، تصوراً لصيغة حكومية للتفاهم عليها مع الرئيس عون، وقالت ان هذا التصور يقوم على إعطاء «القوات» أربع حقائب، في مقابل عشرة مقاعد للفريق الرئاسي، أي تكتل «التيار الوطني الحر» مع حصة رئيس الجمهورية، وحقيبة واحدة «للمردة»، ويلحظ أيضاً ثلاثة مقاعد للحزب الاشتراكي يسميهم رئيسه وليد جنبلاط.
ونقل النائب عدوان عن الرئيس برّي بأنه يدعم بأن يقدم الرئيس الحريري تصوراً للتفاهم الذي يراه ممكناً لإنقاذ لبنان وتشكيل حكومة. وقال: نحن ننتظر في الأيام المقبلة ان يحصل هذا الأمر، ونقدم له كل التسهيلات الممكنة، مشدداً على ان المهمة الأساسية عند الرئيس المكلف هي تأليف الحكومة، وهذا الدور لا يمكن ولا أحد منا يريد تجاوزه، ويجب الا يفكر أحد ان هناك إمكانية لا اليوم ولا غداً ولا بعده بمدة طويلة لتجاوزه في تأليف الحكومة.
ونفى عدوان وجود تدخلات خارجية في تأليف الحكومة، مؤكداً ان الرئيس برّي علم بذلك أيضاً، كاشفاً بأن رئيس المجلس عدل عن عقد جلسة تشاورية نيابية تخفيفاً للضغط على الحريري.
اما كتلة «المستقبل» التي أكدت ان تشكيل الحكومة حاجة وطنية توجبها التحديات الاقتصادية والتطورات الإقليمية المتسارعة، وفي مقدمتها عودة النازحين السوريين، فقد لفتت إلى ان «التنسيق والتشاور القائمين بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يشكلان الرافعة الأساس لعملية تشكيل الحكومة، وان تعاون الأطراف السياسية على تدوير الزوايا وتقديم التنازلات المتبادلة من شأنه ان يعطي دفعاً قوياً لهذه الرافعة، وينهي دوّامة التجاذب حول الحصص الوزارية وتوزيعها».
وتوقفت الكتلة أمام «بروز بعض الأصوات النشاز المطالبة بإلغاء المحكمة الخاصة للبنان التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه». ورأت في هذه المطالبة «دليلا قاطعا على أن المحكمة قد قطعت شوطا كبيرا في إظهار الحقيقة وإحقاق الحق في هذه القضية الوطنية الكبرى». وذكرت أن «المحكمة هي من ضمن قرارات الشرعية الدولية التي يلتزم بها لبنان التزاما كاملا»، محذرة من أن «العودة إلى التشكيك بها وبعملها تفتح الباب أمام عودة مرحلة الإنقسام العمودي وما رافقها من فتن، وهي مرحلة تخطاها اللبنانيون بحكمة الرئيس سعد الحريري ومبادرته الشجاعة، لحفظ الأمان والاستقرار في لبنان».
اتصالات لبنانية - روسية
وكانت الكتلة اشادت في بيانها «مسارعة الرئيس الحريري إلى التواصل مع القيادة آلروسية بشأن عودة النازحين السوريين، ورأت في مساعيه «ترجمة صادمة للموقف الثابت بأن المصير الحتمي للنازحين هو العودة إلى سوريا، وان هذه العودة يجب ان تتم بضمانات دولية تحفظ للنازحين العائدين أمنهم وكرامتهم».
اما الرئيس الحريري، فقد لفت الانتباه إلى ان الروس والاميركيين هم من قرروا عودة النازحين وليس النظام السوري، مشيراً إلى ان التنسيق لإعادة النازحين قائم بالطريقة المعروفة، في إشارة إلى الدور الذي يضطلع به الأمن العام اللبناني في هذا السياق، والذي أكّد انه «يتكامل مع الضمانات الدولية وكل جهود إنهاء مأساة النزوح السوري»، في حين أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ان «الامن العام هو الممر الاجباري لحل قضية النازحين».
وبحث الرئيس المكلّف في بيت الوسط هذا الموضوع مع القائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف ومساعد الملحق العسكري دينيس خيتريى ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان. وخلال اللقاء ابلغ ماسودوف الرئيس الحريري بوصول ممثل خاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية وممثل عن وزارة الدفاع قبل نهاية الاسبوع الى بيروت لمناقشة واستكمال البحث في الموضوع. 
 وقال مصدر شارك في الاجتماع أن «الوفد الروسي الرفيع المستوى سيصل الى بيروت غداً الخميس ويضم مبعوث الرئيس الروسي الخاص الى سوريا ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، الى جانب ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية، وسيجول على الرؤساء. 
وتعقيباً على التطورات الخاصة بملف النزوح السوري، وما رافقها من تفسيرات وتأويلات، نوّه الرئيس الحريري في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي «بالجهود الدولية التي تعمل على تأمين عودة النازحين السوريين الى ديارهم. وهو يتابع في هذا الشأن المقترحات التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية، وتجري مناقشتها مع الادارة الاميركية، في ضوء النتائج التي أسفرت عنها قمة هلسنكي بين الرئيسين الاميركي والروسي»، وهو يترقّب خريطة الطريق التي اعدتها وزارة الدفاع الروسية، متطلعاً لأن يُشكّل التنسيق مع الادارة الأميركية والأمم المتحدة وسائر الجهات المعنية جهداً جدياً لمعالجة أزمة النزوح.
وفي ما يشبه الرد على السباق الرئاسي لقطف ثمار المبادرة الروسية، شدّد الحريري في بيانه، على أن دوره في ملف عودة النازحين، توجبه مسؤولياته القومية والوطنية والحكومية، وهو يرفض رفضاً مطلقاً ادراج هذا الدور في خانة بعض المزايدات والسباق السياسي المحلي على مكاسب إعلامية وشعبوية لا طائل منها، موضحا انه لا يخوض في هذا المجال السباق مع أحد، بل هو يسابق الزمن لمساعدة الاشقاء السوريين على توفير مقومات العودة الآمنة والسريعة الى ديارهم، ورفع أعباء النزوح الاجتماعية والاقتصادية عن كاهل المجتمع اللبناني». 
زاسبيكين لرئاسة
إعادة النازحين
وفي تطور جديد حول الموضوع، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، انّ «سفير روسيا لدى لبنان الكسندر زاسبكين الموجود في موسكو سيرأس مركز إعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى ديارهم». 
 وقال رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف امس،، بأنه أصدر تعليماته للعمل مع الجانبين الأردني واللبناني حول مسألة إنشاء مركز عمليات مشترك يعمل على مدار 24 ساعة لنقل اللاجئين إلى سوريا. 
واضاف ميزينتسيف في اجتماع مركز تنسيق وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين لعودة اللاجئين: يتم العمل على الأرض مع الجانبين الأردني واللبناني حول مسألة إنشاء مركز عمليات مشترك على مدار 24 ساعة لنقل اللاجئين إلى سوريا. يجب أن تكون نتيجة عمل مجموعات العمل العليا تطوير خطط مفصلة لحركة اللاجئين من أراضي الأردن ولبنان. وأكد ميزينتسف أن «مراكز العمليات ستكون جاهزة للعمل في الأردن ولبنان يوم 30 تموز». 
وقال ميزينتسيف موجها حديثه إلى ممثل وزارة الخارجية نيكولاي بورتسيف: في المرحلة الأولى، سأطلب من سفيرينا لدى الأردن ولبنان، لأن يقودا شخصياً أعمال مركز العمليات المشتركة لنقل اللاجئين إلى سوريا». 
 وآخذاً في الاعتبار أن غالبية اللاجئين لا يملكون المال اللازم للسفر عن طريق النقل الجوي والبحري، أصدر ميزينتسيف تعليمات لتحديد الطريقة الرئيسية لنقل المواطنين السوريين عن طريق البر. وفي الوقت نفسه، لفت الانتباه إلى ضرورة الموافقة الطوعية من المواطنين على العودة إلى سوريا. (وكالة سبوتنيك). 
واعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، «أن المبادرة الروسية الأخيرة بشأن إنشاء مركز لتنسيق عودة اللاجئين السوريين تمثل خطوة مهمة من شأنها أن تخفف من مأساة الشعب السوري، مشيرا إلى أنها قد تكون بداية للحلول العملية في هذا الإطار». 
 وقال المرعبي، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية:نعتبر إن المبادرة الروسية « استكمالا للمرحلة السابقة من مناطق خفض التصعيد، وهي مبادرة جيدة جدا، ونعوّل عليها كثيرا، خصوصا أن ضمان الأمن للعائدين من قبل قوى عظمى مثل روسيا والولايات المتحدة يطمئن النازحين كثيرا، لافتا إلى أنها تشكل مصدر طمأنينة للدولة اللبنانية أيضا بشأن ضمان أمر العائدين».
احتجاجات بريتال
في غضون ذلك، تفاعلت المداهمات التي نفذها الجيش في بلدة الحمودية القريبة من بريتال البقاعية، والتي أسفرت عن قتل ما وصف بأنه «أكبر واخطر تجار المخدرات» علي زيد إسماعيل الملقب بـ«اسكوبار البقاع»، حيث نفذ أهالي بريتال تهديداتهم بقطع طريق البلدة والطرق الرئيسية المؤدية إليها، احتجاجاً على ما اسموه استهداف مدنيين في المداهمات، مطالبين قيادة الجيش بتحقيق شفاف حول ملابسات ما جرى في هذه المداهمات.
وعمد الأهالي منذ الصباح إلى قطع الطرق باشعال الدواليب، واطلقوا هتافات احتجاجية ضد الأحزاب في المنطقة، ولا سيما «حزب الله» وحركة «أمل»، فيما انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة من الشبان يحرقون راية لـ«حزب الله» وأخرى لحركة «أمل»، إلا ان وحدات الجيش تدخلت وعمدت على فتح الطريق الدولية عند مفرق بريتال لجهة الحمودية امام السيّارات المتجهة من البقاع الشمالي باتجاه زحلة، في مقابل وعد من الجيش بتسليم جثامين القتلى، فانسحب المحتجون من الطرقات، على ان يتم تشييع القتلى قبل ظهر اليوم في البلدة، ورفع آل إسماعيل لافتة عند مدخل الحمودية اعلنوا فيها اعتذارهم عن استقبال ممثلي الأحزاب والدولة لأنهم شركاء في الجريمة».
في المقابل، أوضحت مصادر عسكرية، ان العملية تمّ التحضير لها في اضيق إطار تجنباً لوقوع ضحايا وابرياء، وكشفت ان القوة التي دهمت منزل إسماعيل بعد فرض طوق أمني استخدمت سلاحاً فردياً واطلقت النار على من استهدف عناصرها مباشرة بعدما خاطبتهم عبر مكبرات الصوت بوجوب تسليم أنفسهم، فلم يمتثلوا ومن بين هؤلاء والدة اسماعيل التي تواجدت في المكان كما سائر المطلوبين.
ووصفت المصادر العملية «بالانظف» و«الاقل تسجيلاً للخسائر في الارواح»، إذ ان خمسة من القتلى الذين تمّ التعرف على جثثهم من بين ثمانية ثبت انهم من المتورطين والمطلوبين الخطرين، وان زوجة إسماعيل التي تمّ توقيفها خلال المداهمات أطلق سراحها مساءً بعد التحقيق معها احتراماً للمعايير الإنسانية.