يعيشُ لبنان وسط أزمة بيئيّة حقيقيّة بسبب طمر النفايات في البحر، مع ما يُرافق ذلك من كوارث وأمراض رافقت الشعب اللّبنانيّ في يوميّاته خلال السنوات المُنصرمة. فغيّر السيّاح وجهتهم السياحيّة وغابوا عن لبنان، وتراجعت الأوضاع على مُختلف الأصعدة لاسيّما الإقتصاديّة منها مع بطالة وهجرة وحرمان، في ظلّ فقدان الأمل بإمكانيّة نهوض هذا الوطن.
تتكاثر بين الحين والآخر حملات تنظيف الشواطئ اللّبنانيّة لكنّ النتيجة على حالها، النفايات مُكدّسة من دون أيّ حلّ، وقبل أيام قليلة بُثّ تحقيق عن نفايات لبنان المرميّة في البحر وذلك على شاشة الـCNN العالميّة، التي فضحت الحالة المزرية التي يعيشُ بها اللّبناني والذي أصبح يشعرُ بالخجل أمام ما شاهده عن بلده، تحت عنوان:"بيروت من جاذب سياحي إلى تلوث خطير".
من سيئ إلى أسوأ هكذا نستطيع وصف حالة البيئة في لبنان لاسيّما وأنّ المعالجات المعتمدة تبقى دون المستوى المطلوب، من أبرز المشاكل البيئيّة في لبنان هي مشكلة التلوّث، أمّا أهم ضحايا التلوّث فهو الشاطئ الذي يُفترض أن يكون ملاذ الناس صيفاً، ومصدراً لرزق كثيرين منهم في مختلف الفصول.
إقرأ أيضًا: اللّبناني يرضخ لـِ مافيا من نوعٍ آخر!
أنتجت أزمة النفايات الأمراض والأوبئة، التي أخذت بطريقها أيضاً صياديّ السمك الذين يصعبُ عليهم التخلّي عن مهنتهم، على الرغم من إزدياد مخاطر الغوص في بحر ملوّث. بحر لبنان الغني بالأسماك المختلفة الأنواع أصبحت ثروته المائيّة مُهدَّدة بفعل رمي النفايات فيه، وما نُشاهده على كافّة الوسائل الإعلاميّة ومواقع التواصل الإجتماعيّ عن هذا الملف هو خير دليل على الحالة التي وصلنا إليها. إنّ وجود العديد من المكّبات العشوائيّة والمطامر غير النظاميّة للنفايات الصلبة، المنزليّة وغير المنزليّة، كما النفايات الصناعيّة والطبيّة، تُعدُّ سببًا إضافيًّا من أسباب تلوث البحر.
يطال تلوّث الشاطئ مصالح الصيادين الذين يعتاشون من البحر، ويُسبّب دمار البيئة البحريّة الساحليّة الممتدّة على عمق عشرة أمتار من داخل البحر وصولاً إلى الشواطئ الرمليّة والصخريّة، بكلّ ما تتضمّنه من مخلوقات بحريّة، وبيض الأسماك والديدان والسلاحف، والأصداف والطحالب والحشائش البحرية... فماذا نصطاد وأين نسبح والبحر تحوّل بركة ملوّثات وسموم!
تُشيرُ تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى عبور أكثر من ٢٠٠٠ سفينة منها ٣٠٠ ناقلة نفط في مياهه، وقد رمت فيها أكثر من مليون طن من النفط الخام وأيضاً مئة طن من المـبيدات العضويّة. البحر المتوسط مريض بيئيًّا ولكنّ ذروة تلوثه في شواطئ لبنان.إن مسوؤلية الشعب اللبناني أن يعي مسوؤليته في مكافحة تلويث شاطئه.فالمطلوب الآن قبل الغد، وضع سياسات لـِ حماية البيئة وموارد لبنان الطبيعيّة، تطبيقًا للقوانين والأنظمة النافذة، وتحقيقًا للأهداف المُعلنة في البيانات والبرامج البيئيّة، التي تضجّ بها كلّ مستويات السلطة السياسيّة في لبنان، التي لا تزال ضجيجًا إعلاميًّا.