بعد إقرار الكنيست الإسرائيلية قانون "الدولة القومية للشعب اليهودي"، سيتعاظم الكلام على الارجح عن أخطار التطبيع، أكان من عرب إسرائيل، أم من السلطة الفلسطينية، ام من البلدان العربية والاسلامية، حكومات وشعوبا.
مع تسارع الضربات للقضية الفلسطينية منذ انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية، التي تكاد تقضي كليا على حل الدولتين، لا أعتقد أنه لا يزال مفيدا الاكتفاء بتكرار ردود الفعل القديمة. بل أصبح علينا التفتيش بصدق اكبر عن اسباب الهزائم المتلاحقة.
افترض في هذا النص ان من الأسباب الرئيسية لهذه الهزائم هو تطبّعنا، حكومات وشعوبا ومقاومات، مع خصال الاحتلال البشعة.
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل إسرائيل، ندعي بأن عنفنا هو للدفاع عن انفسنا ونستخدمه للسيطرة ولبسط سلطتنا على الآخرين؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل اسرائيل، نعرّف عن انفسنا وعن غيرنا بحسب هويتنا الدينية؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل اسرائيل، نستلهم الماضي طريقاً للحاضر وللمستقبل؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل إسرائيل، نستعين بمظلومية الماضي لنهيمن على الحاضر؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل إسرائيل، نعوّل على التمويل الخارجي شرطاً لاستمرارنا وتأبيد سلطتنا؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل إسرائيل، جزءاً من مشروع أكبر منا؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل إسرائيل، نهجّر أناسا باسم الدفاع عن مقدساتنا؟
ألسنا نتطبع، إن كنا، مثل إسرائيل، نقرر نحن مَن يمثل الفلسطينيين ومَن لا يمثلهم؟
ربما كنا نتطبع، أو ربما كان هذا طبعنا من الأساس.
النتيجة واحدة وقاتلة في الحالتين.
فشتّان ما بين أخطار التطبع الذي لا نكترث له، وأخطار التطبيع الذي نصبّ عليه جام غضبنا.
التطبيع يبقي التمييز بيننا وبين عدوّنا، حتى لو أقررنا باحتلاله وخضعنا له ولشروطه.
التطبع في المقابل، يجعلنا نشبه عدوّنا، فهو سيبقى معنا وفي داخلنا حتى ولو ذهب الاحتلال.
عندما يصبح الاحتلال طبعنا، وهذا اقصى ما يطمح اليه مَن يحتلنا، نفقد اهم وسيلة لمواجهته: السند الاخلاقي والقيمي ضد ممارساته.
هذا السند الأخلاقي والقيمي هو ما يجعل القضية قضية.
عينك على التطبيع، في حين ان خصالك وممارساتك قد تطبّعت منذ زمن يا عزيزي.