أكثر من 40 بلدية جنوبية ترى في استئناف العمل في معمل الكفور، أو كما يفضل أهالي الكفور تسميته "مكب الموت" حلاً لأزمة النفايات المندلعة في قضاء النبطية منذ أكثر من سنة. لكن وفقاً للمثل "الجمر لا يحرق إلا مكانه"، وما عانته الكفور وأهلها على مدى خمس سنوات من تحويل قريتهم إلى مكب كبير لم يأخذ من المعالجة إلا عنواناً تجارياً لتسويقه، لم يعشه اهالي القرى المجاورة الذين فضلوا التخلص من نفاياتهم وإن كان على حساب وصحة أهالي الكفور.
أعاد الفيديو الترويجي لاستئناف العمل في معمل الكفور، والذي نشره موقع إخباري جنوبي رافق رئيس اتحاد بلديات الشقيف محمد جابر في "كبسة" إلى المعمل، على حدّ تعبيره، شبح المكب من جديد، لا سيما أن جابر أعلن في التقرير عن البدء بالتحضيرات لإطلاق المناقصات لتشغيل المعمل.
تبدي مصادر محلية ملاحظاتها على الفيديو، وتؤكد أن الريّس ادعى أنه يقوم بكبسة على المعمل "في الحالة التي توقف فيها عن العمل قصراً"، وفي الواقع أن كل ما في الفيديو يبين أن الزيارة كان محضّر لها، بدليل الأشخاص الذين استقبلوا الريّس على مداخل المعمل الذي من المفترض أن يكون مغلق في انتظار "الكبسة". كما أن ما نشرته قناة محلية عن المعمل منذ سنة ونصف السنة في تقرير استقصائي يؤكد أن المعمل كان بمثابة كارثة بيئية عندما تم إقفاله، وأنه تم تنظيفه وتوضيبه ليتم تظهيره بالصورة المثالية في الفيديو الأخير، بحسب المصادر.
وبعد أربعة أيام على تسويق الفيديو، نشرت شبكة اخبار النبطية موعد مناقصة تشغيل وصيانة معمل معالجة النفايات والطمر الصحي للنفايات في وادي الكفور في اتحاد بلديات الشقيف بتاريخ 24 آب المقبل، على ان تقبل العروض في نفس اليوم الذي تفض فيه ولغاية الساعة 11 صباحا، ويتم فض العروض في نفس اليوم في مركز الاتحاد.
نزل خبر موعد المناقصة كالصاعقة على أهالي الكفور، ويؤكد عضو بلدية الكفور أحمد مطر لـ"ليبانون ديبايت" أن كلام رئيس الاتحاد غير دقيق، لأن المعمل أغلق بسبب سوء إدارته، واقتصر العمل على المكب الذي كان من المفترض بحسب دفاتر الشروط أن يكون مطمر صحي، لكنه استقبل النفايات من كل حدبٍ وصوب.
"فما عدنا نعرف من أين تأتي النفايات وتُرمى في بلدتنا بما فيها النفايات الطبية الخطرة، وكان يُرمى في المكب 230 طن نفايات يومياً علماً أن دفتر الشروط كان يحدد القدرة الاستيعابية بـ150 إلى 170 طن كحد أقصى يومياً". الأمر الذي أدى لرفع الصوت من أهالي المنطقة ومنع نقل النفايات إلى المكب بالقوة، منذ ما يقارب السنة ونصف السنة، وهو القرار الذي أدى إلى انتشار وباء المكبات العشوائية في قرى قضاء النبطية واستمراره حتى اليوم.
يرى مطر كما أهالي الكفور في عودة افتتاح المعمل وبالتالي المكب التابع له، مشروعاً ممنهجاً لتهجير الأهالي عن قريتهم التي تعتبر نموذجاً مصغراً عن لبنان العيش المشترك، وهو مشروع لجعل الكفور ناعمة أو شويفات أو برج حمود ثانية.
وبعد فشل الاتصال برئيس اتحاد بلديات الشقيف، كان لـ"ليبانون ديبايت" حديث مع نائب رئيس الاتحاد محمد عاصي، الذي أكد بدوره حرص الاتحاد ورئيسه على صحة وبيئة أهالي الكفور. ولفت إلى أن دفتر الشروط أعدته وزارة التنمية الإدارية، وأن مدة المناقصة 15 يوماً.
وعن حال المعمل يقول عاصي "معدات المعمل كلها موجودة، ويمكن استئناف العمل به من الغد، وإن كان بحاجة لبعض الصيانة. علماً أن إعادة تشغيله تحل أزمة نفايات القضاء كلها، وهو يستوعب 100 ألف طن نفايات يوميا، والانتاج اليومي للقضاء لا يتجاوز الـ150 طن يومياً".
لا يتخوّف عاصي من اعتراضات أهالي الكفور ويربطها بإساءة استخدام المعمل، وهو الأمر الذي لن يحصل، على حد تعبيره، كون هناك شروط وتعهدات قاسية على المتعهد، وفي حال أخلّ بها يتم فسخ العقد على مسؤوليته. ويؤكد أنه سيكون هناك مراقب اختصاصي بيئي يشرف على العمل اليومي من فرز ومعالجة.
وبالعودة للكفور وتخوفاتها، يرفض مطر حتى الاطلاع على دفتر الشروط الجديد، ويشدد على ألا ثقة بالاتحاد ولا برئيسه، والتجربة السابقة أثبتت مدى جدية التعاطي مع صحة أهالي الكفور. ويؤكد أن البلدية سائرة بمعركة الأهالي حتى النهاية، وأنه في حال تم فرض اعادة فتح المعمل بالقوة، ستكون المواجهة الشعبية هي الرد الوحيد على قرار الاتحاد.