نفى الاتّحاد الألماني لكرة القدم في بيان صدر أمس، ما ساقه ضدّه اللاعب مسعود أوزيل من اتهامات وجّهها إلى رئيس الاتّحاد رينهارد غريندل بمعاملته من خلفية عنصرية، مع إعلان اللاعب اعتزالَه اللعبَ دولياً مع «المانشافت».
وجاء في بيان الاتّحاد الألماني: «نحن نرفض فكرة ارتباط الاتّحاد الألماني لكرة القدم بالعنصرية». وتابع: «يقف الاتّحاد الألماني مع التنوّع بما يتعلق بممثليه وموظفيه وأنديته، وأداءِ ملايين المتطوّعين لديه على مستوى القاعدة الشعبية».
وكان أوزيل قد أعلن الأحد اعتزاله اللعبَ دولياً مع المنتخب الألماني. واتّهم في بيان (رئيس الاتّحاد الألماني) غريندل بممارسة العنصرية ضدّه، كاسراً صمتاً التزَم به منذ أثارت صورةٌ جمعَته وزميلَه في المنتخب الألماني التركي الأصل أيضاً إيلكاي غوندوغان بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أيار، ممّا أثار أسئلةً حول ولائه لألمانيا قبل نهائيات كأس العالم في روسيا 2018.
وغرّد أوزيل الفائز مع ألمانيا بكأس العالم 2014 في البرازيل: «في نظر غريندل وأنصاره، أنا ألمانيّ عندما نفوز، لكنّني مهاجر عندما نخسر».
وقال الاتّحاد الألماني في بيانه إنه يأسف لقرار اعتزال أوزيل اللعبَ مع المنتخب والانسحابَ من كرة القدم الدولية، لكنّه رفض بشدّة الاتّهامات التي ساقها ضدّ رئيسه غريندل بشأن ممارسة العنصرية.
وواصَل: «الاتّحاد الألماني ممتنٌّ جدّاً لمسعود أوزيل على ما قدّمه من أداء رائع أثناء ارتدائه قميصَ المنتخب، لكنّنا نأسف لشعوره بأنه لم يلقَ المساندة اللازمة من الاتّحاد بعد تلقّيهِ انتقادات على خلفية عنصرية».
وتناوَل البيان موضوع الصورة مع إردوغان، مشيراً إلى أنه «من الضروري لمسعود أوزيل، مثل إيلكاي غوندوغان، تقديمُ أجوبة تتعلّق بالصورة (مع الرئيس التركي إردوغان)».
وخَتم الاتّحاد الألماني بيانَه بالقول: «إنّنا في الاتّحاد الألماني لكرة القدم، نفوز ونخسر معاً كفريق. وكنّا لنكون سعداء لو اختار مسعود أوزيل أن يكون جزءاً من الفريق في هذه المرحلة، لكنّه قرّر خلاف ذلك».
تركيا تدعم أوزيل
من جهةٍ أخرى، أشادت تركيا أمس بردِّ أوزيل على «العنصرية» وتركِه المنتخبَ الألماني بعد أن دافع عن ألوانه لـ 92 مباراة وساهم في قيادته قبل أربعة أعوام للقبِه العالمي الرابع.
وحظيَ قرار إبن الـ 29 عاماً بتأييدٍ رسمي تركي، فيما أعلنَت المتحدّثة باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنّ الأخيرة تحترم قرار اللاعب، مضيفةً: «المستشارة تعتزّ بمسعود أوزيل كثيراً. مسعود أوزيل لاعِب كرة قدم ساهم بالكثير لصالح المنتخب الوطني. اتخَذ الآن قراراً يجب احترامه».
وفي الجانب التركي، غرّد وزير العدل عبد الحميد غول: «أهنّئ مسعود أوزيل الذي سجّلَ بقراره ترك المنتخبِ الألماني أجملَ هدفٍ ضدّ فيروس الفاشية».
أمّا وزير الرياضة التركي محمد كاسابوغلو الذي حذا حذوَ غول ونشَر صورةَ أوزيل المبتسم مع إردوغان، فقال: «نحن نؤيّد بصدق الموقفَ المشرّف الذي اتّخَذه شقيقنا مسعود أوزيل».
وفي تغريدةٍ سبَقت إعلانَ أوزيل تركه المنتخبَ الألماني، قال إبراهيم كالين، المتحدّث باسم إردوغان، «إنّ اضطرار اللاعب إلى الدفاع عن لقائه بالرئيس التركي مؤسف لأولئك الذين يدّعون بأنّهم متسامحون ومتعدّدو الثقافات!».
وفي إعلانه عن قرار تركِ المنتخب الألماني الذي سجّل له 23 هدفاً، أشار أوزيل إلى أنه مخلِص لكلٍّ مِن أصوله التركية والألمانية، مُضيفاً: «على غرار العديد من الناس، جذور أسلافي تعود إلى أكثر من بلد واحد. بينما نشأتُ وترعرعت في ألمانيا، تملك عائلتي جذوراً راسخة في تركيا. لديّ قلبان: أحدهما ألماني والآخر تركي».
«رؤية قريبة من إردوغان وطغاته»
وفي أبرز ردودِ الفعل في ألمانيا على قرار أوزيل، اعتبرَت وزيرة العدل كاتارينا بارلي في حسابها على تويتر أنّ ما حصَل يشكّل «إنذاراً إذا كان لاعب كرةِ قدم ألماني كبير مثل مسعود أوزيل لم يعد يشعر بأنه مرغوب به في بلاده أو ممثلاً عبر الاتّحاد الألماني لكرة القدم».
بدوره، أعرَب دسيم أوزديمير من حزب الخضر عن استيائه لأنه «سيتكوّن الآن عند الأتراك الألمان الشبّان الانطباع بأنه لا مكانَ لهم في المنتخب الوطني الألماني»، لكنّ دسيم التركي الأصل انتقد في الوقتِ ذاته أوزيل لأنه «لم يرتقِ إلى مستوى مسؤوليته كمثال يُحتذى به» من خلال فشلِه في إبعاد نفسِه عن إردوغان.
ورأى أنّ «التقاط الصوَر مع الحاكم الوحيد إردوغان يشكّل عدم احترام لأولئك الذين يتعرّضون للاضطهاد في تركيا أو يوضَعون بشكل تعسّفي في السجن».
وكانت «بيلد»، الصحيفة الأكثر مبيعاً في ألمانيا، من أشدّ المنتقدين لأوزيل، قد وصفَت البيان الصادر عنه الأحد بأنّه «استقالة متذمر»، منتقِدةً موقفَه بتحميل «الجميع المسؤولية باستثنائه هو».
وردّت «بيلد»، التي تطالب منذ أسابيع عدّة باستبعاد أوزيل عن التشكيلة الأساسية للمنتخب، على مزاعم لاعبِ خط الوسط بأنّ جذورَه التركية وصورتَه مع إردوغان استخدمتهما بعض وسائل الإعلام في خدمة اليمين المتطرّف، مضيفةً: «رؤية أوزيل للعالم قريبة بشكل خطير من إردوغان وطغاته».
ويشدّد أوزيل على أنّ التقاط الصورة مع الرئيس التركي، هو ومواطنه وزميله في المنتخب غوندوغان، قبل أيام قليلة من إعادة انتخاب إردوغان رئيساً لتركيا «لا علاقة لها بالسياسة أو بالانتخابات، بل الأمر هو عبارة عن احترام أعلى منصب في موطن عائلتي».
وتابع: «وظيفتي هي لاعب كرة قدم ولستُ بسياسيّ، ولم يكن اجتماعنا بهدف الترويج لغايات سياسية».
وتُعَد ألمانيا موطناً لأكثر من ثلاثة ملايين شخص من أصلٍ تركي.
الدعاية اليمينية
وكان القائد السابق للمنتخب الألماني لوثار ماتيوس من أشدّ المنتقدين لأوزيل، وقد اتّهمه بأنّه لم يعد مرتاحاً في قميص المنتخب الألماني.
وقال أوزيل إنّه يمكن أن يتقبّل انتقادات بخصوص أدائه على أرضية الملعب ولكن ليس عندما تكون مرتبطة بخلفيته العِرقية، مُضيفاً: «إذا وجَدت صحيفةٌ أو منتقدٌ خطأً في مباراة ألعب فيها، عندها يمكنني قبول ذلك، لكن ما لا أستطيع أن أقبله هو أنّ وسائل الإعلام الألمانية أصدرت اللوم بشكل متكرّر على تراثي المزدوج، وعلى صورة بسيطة لكأس عالم سيئة، نيابةً عن مجموعة كاملة»، واصفاً إياها بأنّها «دعاية يمينية».
وتابع: «هذا يتجاوز خطاً شخصياً لا ينبغي تجاوزُه أبداً، حيث تُحاول الصُحف قلب الأمّةِ الألمانية ضدّي».