أصبحت كلمة الحق سلاح فتّاك وقاتل، أخطر من الإرهابيين وأخطر من الفاسدين. وأصبح وقعُ هذه الكلمة يصدع العقول والاذان.
جميع مقالاتي لم تتناول يومًا أي رئيس من الرؤوساء الثلاث، ولا رئيساً من رؤوساء الطوائف. جلّ ما كنت أكتبه كان عن الشباب اللبناني والفقر والحالة المزرية التي وصلنا اليها؛ فطُلب منّي أن أوقع تعهّد بعدم التعرّض لمن لم أتعرّض لهم ومن يمنعني القانون أساساً عن الإساءة اليهم.
فأين كانت القضية؟
القضيّة هي حريّة الرأي والتعبير. قال لي أحدهم وأنا موقوف "شو كان بدك بهالشغلة وهالمقالات كنت هلأ مع خطيبتك طالع عالضيعة"، "قلت له أنني لم أكن أتوقع أن كتاباتي عن الوضع المزري والتفلّت الأمني وتفلّت السلاح سيفعل بي هكذا".
إقرأ أيضًا: الزميل محمد عواد .. لا تبتئس، لك في الإمام زين العابدين أُسوةً حسنة
سألني العميد في الأمن العام عن التعامل الذي تلقيته من قبل شباب الأمن العام، قلت له انه كان جيداً وأنني لم أتعرّض لأي أذى، فقال لي: "بتمنى إِنَّك تكتب ضميرك بس تطلع من عنا." فقلت: "أنا عندك لأنني بكتب ضميري".
كانت ملامح الصدمة واضحة على وجه المحقّق من جوابي عندما سألني كم أتقاضى ثمن كتاباتي، فأنا لا أبيع موقف! ربّما لأن هنالك من يتقاضى ثمن موقفه وثمن تقلّبه وثمن ما يسمّيه بالدفاع عن حقوق اللبنانيين؟
ضميري أكتبه دون مقابل، حقّي ليس لدى جهاز الأمن العام اللبناني الذي يقوم بما يُطلب منه من السلطة القضائية ولكن حقي هو معرفة من طلب توقيفي وإقتيادي مخفوراً بسبب مقالاتي، ومصادرة هاتفي وجهاز الكومبيوتر المحمول. إنّ حقي وحق الحرية أريده مِنْ مَن انقضّ على الحريّات في لبنان وبدأ يقلّصها حتى زوالها.
إنني وبكل فخر أعلن انني مكمل في مسيرتي في المطالبة عن كشف الفاسدين وعن منع الموت بحق شبابنا ولن أتراجع حتى تحقيق بلد العدالة والتنمية والخدمات حتى آخر نفس لي، ولن يوقفني عن المطالبة بحقي أن يكون لي وطناً لا ألوم به نفسي أنني قد أنجب به طفلاً لأحكم عليه بالموت البطيء.
مستمرٌّ ولا شيء يوقفني سوى الموت، إن كان لا بدّ من إسكاتي.