تتأرجح العلاقات بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على حبال التصريحات والتصريحات المضادة التي يطلقها أركان الحزبين في غمرة الغرق في بازار تناتش الحصص الحكومية، علماً أن ما سمي عقدة مسيحية لم تتأخر في البروز عاملا أساسيا في تأخير التأليف، وإن كان الجميع أرادوه سريعا، من باب الوعي للتحديات الكثيرة الكامنة للبنان على كوع الاقليم الملتهب.
 

وإذا كان شريكًا المصالحة المسيحية متمترسين كل خلف مطالبهما الحكومية، فإن القصف المتبادل الذي تشهده جبهتاهما السياسيتان يترك تداعيات سلبية على مسار التشكيل، بدليل أن غداة الهجوم البرتقالي الذي طال وزير الشؤون الاجتماعية القواتي بيار بوعاصي، طالب بعض مسؤولي التيار علناً بهذه الوزارة، وما لبث الوزير جبران باسيل أن هاجم بعنف سياسات وزير الصحة القواتي أيضا غسان حاصباني، فيما رأى تمهيدا لمطالبة التيار بهذه الحقيبة أيضًا، إلى جانب الاشتباك الذي حسم لمصلحة التيار حول منصب نائب رئيس الحكومة. 

ونقلت صحيفة "اللواء" عن مصادرها، أن القوات متمسكة بنيابة الرئاسة بوصفها حقًا طبيعيًا لثاني أكبر الكتل النيابية الجديدة، التي وجدت نفسها في غفلة مبعدة عن هيئة مكتب مجلس النواب، على غير ما كانت تتوقعه.

وبحسب المصادر فإن رئيس القوات سمير جعجع دخل شخصيًا على خط السجال لوضع النقاط على الحروف لأسباب عدة أولها وقف ما تعتبرها أوساطه «حملة إعلامية» تستهدف القوات التي قدمت أداء وزاريًا جيدًا في إطار حكومة استعادة الثقة، إضافة إلى صون تفاهم معراب، على رغم الرصاصات السياسية والحكومية التي بات يتلقاها بوتيرة شبه يومية. وتذكر المصادر في هذا الاطار أن رئيس القوات زار بعبدا مرات عدة للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في رسالة مبطنة إلى المصطادين في الماء العكر لتأكيد ديمومة تفاهم كانون الثاني 2016. غير أنها لا تفوت فرصة الاشارة إلى أن المشكلة تكمن أولا في العلاقة المتوترة بين معراب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل شخصيا، الذي توجه إليه كثير من أصابع الاتهام لجهة محاولة «تحجيم القوات» والقفز فوق النتائج المهمة التي حققتها في الانتخابات الأخيرة، حيث أدخلتها صناديق الاقتراع مناطق كانت تعد معاقل برتقالية بامتياز أهمها كسروان وجبيل.

من جهته، يُشير دائرون في الفلك البرتقالي إلى أن التيار يقارب الملف الحكومي إنطلاقا من الرغبة التي عبر عنها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، أي تشكيل حكومة تلتقي تحت سقفها كل مكونات النسيج اللبناني، نظرًا إلى ما تقتضيه المرحلة المقبلة من وحدة وطنية تجسدها حكومة جامعة. غير أن الأوساط العونية تستغرب ما نشهده من تضخيم ونفخ في أحجام البعض (في إشارة مبطنة إلى الحليف القواتي)، داعية إلى خفض السقوف لأن رفعها لا يغير من الواقع شيئًا، لاسيما في ما يخص الأحزاب المسيحية. موقف ترد عليه أوساط مقربة من القوات (المرتاحة إلى كون الحريري متمسكا بمشاركتها في الفريق الوزاري المقبل) بالتذكير بأن المطالب الحكومية باتت معروفة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن البحث عن «مساحة مشتركة»، ممكن عن طريق الحوار، وإن كان أي لقاء بين جعجع وباسيل غير مطروح في الوقت الراهن.