تحوّلت مسألة تشريع زراعة الحشيشة الى مادة ساخرة، على الرغم من دسامتها وخطورتها والجدية المطلوبة للتعاطي مع هذا الاقتراح.

تقارير وتحليلات وتمنيات رافقت طرح شركة "ماكينزي" الأميركية للبنان، لأن التقارير الاقتصادية للشركة تتوقع أن تدر الحشيشة حوالي مليار دولار لخزينة لبنان وفق تقرير نشرته صحيفة "الغادريان"، ما سيؤدي إلى تحريك العجلة الاقتصادية في البلاد ويفتح للبنان آفاقا جديدة في الاقتصاد.

في العام 2005، أعدت مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" تقريرا بعنوان "علم النشوة" عن فوائد القنّب الهندي أو الحشيش والماريجوانا، موضحة أن للحشيش استخدامات طبية أثبتت فعاليتها في عالم الطب.

التخفيف من حدّة الألم

لكن هذا التفاؤل والإيجابية يُقابلهما خوف وقلق من انحراف الأمور عن مسارها القانوني وعدم ضبط "الحشيشة". هذه المخاوف يعترف بها نقيب الصيادلة في لبنان الدكتور جورج صيلي خلال حديثه لـ"النهار"، عن فوائد "الحشيشة" الطبية. هو أكثر العارفين بمخاطر هذه النبتة في حال أُسيء استخدامها. يتحدث صيلي عن تقسيم هذه النبتة الى نوعين وفق التركيبات الموجودة فيها: 

* نوع من التركيبة الذي يعطي شعوراً بالمتعة والإثارة الشديدة وهي حالة التي يتعاطى المخدرات ولها تأثير وأعراض جانبية كثيرة على الشخص والمجتمع نتيجة الإدمان عليها.

* التركيبة الثانية التي تحمل فوائد طبية دون ان تُسبب ادماناً. أثبتت الدراسات ان هذه الفوائد الطبية اتت بنتائج جيدة ونتائجها،  ومن بين هذه الدراسات، دراسة تأثير الحشيشة على مرض الصرع، وأثبتت انها مفيدة للمرضى بشكل ملحوظ وتقلل من النوبات، بالإضافة الى دراسات اخرى تناولت الأمراض العصبية والأمراض المزمنة وبهدف التخفيف من كمية الأدوية المخدرة للتخفيف من الألم، وجدوا ان استخدام الحشيشة في تركيبتها الثانية أعطت مفعولاً جيداً في هذا المجال.

تعمل هذه التركيبة على التخفيف من الألم دون ان تدفع المريض الى ادمانها.

لذلك، يشدد نقيب الصيادلة في لبنان على أهمية تقسيم الموضوع الى شقين، الطبي والمخدرات، لأن لكل شق منها وقعاً مختلفاً عن الآخر. من هنا، تكمن أهمية هذه النبتة في استخراج خلاصة واستخدامها طبياً للتخفيف من الألم من دون إضرار او مضاعفات جانبية.

لكن ما يثير قلقنا وخوفنا هو التجارب السابقة في التزام الشعب والدولة في تطبيق القوانين، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل "هل نحن كدولة وكشعب جاهزون لأن يكون لدينا زراعة وانتاج الحشيشة من دون تسجيل خروقات"؟ لذلك هذا الطرح يحتاج الى تشريع وضبط حتى لا تسلك منحى مختلفاً لا أحد يريده".

من يضمن تطبيق القانون؟

صحيح ان لهذه النبتة فوائد طبية، لكن ما الذي يمنعنا من استيرادها من دول مصنِّعة لها بدلاً من تشريعها، لأننا عاجزون عن ضبطها. دول كثيرة سبقتنا وفي صدارتها الولايات المتحدة الأميركية وشرّعت استخدامها طبياً، وأثنت على فوائدها الصحية في أكثر من دراسة علمية وطبية، لكن الفارق بيننا وبينهم انهم يحترمون القانون والنظام.

يشير صيلي الى اننا "نستورد مواد مخدرة للاستخدام الطبي مستخرجة من النباتات ومن بينها المورفين، وهي تمر في جهاز المراقبة في قسم المخدرات في وزارة الصحة، لكن الأمور تحت السيطرة، لذا اذا كان الحديث تشريعها ومراقبتها من خلال وزارة الصحة فهي ستكون محصورة ومراقبة وستسلك طريقها الصحيح، لكن الخوف الأكبر يكمن في خروج الأمور عن السيطرة.

إذاً، يشدد نقيب الصيادلة على أهمية دراسة الموضوع بجدية وعناية والمضي به بطريقة صحيحة، وإلا فهو سيُشكّل خطورة على المجتمع اللبناني وخاصة على أولادنا".