بعد توقيف الناشط السياسي الزميل محمد عواد صباح اليوم من قبل الأمن العام واقتياده مخفوراً للتّحقيق معه امتثالاً لاشارة القضاء بذلك، تمّ إطلاق سراحه خلال ساعاتٍ معدودات، بعد أخذ التعهد عليه بعدم التّعرُّض للرؤساء والرموز الدينية، وقد امتثل لذلك، بناءً على النصيحة، ذلك أنّ التعهد يُعفيه من المثول أمام القضاء.
الحمد للّه يا زميلي، نحمده على السّراء والضراء، لا ضربة كف، لا إهانة، ولا تهمة شنيعة، كلّ ما في الأمر هذا التعهد. ولا ضير في ذلك، ولك في الإمام عليّ بن الحسين، الملقب بزين العابدين والسّجاد و"ذي الثفنات" (نذر نفسه للعبادة حتى ثفنت جبهته، وورمت رُكبتاه وراحتاه) أُسوةً حسنة، والسجاد أمضى حياته في المدينة لا يبرحها، وعندما خرج أهلها على يزيد بن معاوية، وأرسل مسلم بن عقبة لقتالهم، فهزمهم في واقعة "الحرّة"، ودخلها مسلم واستباحها ثلاثة أيام، وكان يُؤتى إليه بالرجل من الأنصار، فيطلب منه أن يُبايع على أنّه عبدٌ ليزيد،وكان الأنصار يأبون ذلك، فيقتلهم مسلمٌ الواحد تلو الآخر، فلما رأى زين العابدين فُشُوّ القتل بين المسلمين، ذهب إلى مسلم وقال له: علام يريد يزيد أن أُبايعك؟، فأجابه وقد ارتعد في حضرته وقام له إجلالاً: على أنّك أخٌ وابن عم، فقال: وإن أردت أن أبايعك على أنّي عبدٌ قنٌّ لفعلت!، فقال مسلم: لا أُجشّمُك ذلك، فلما رأى أهل المدينة إجابة عليّ بن الحسين قالوا: هذا ابن بنت رسول الله بايعه على ما يريد، فبايعوه على ما أراد (وفق رواية المسعودي في مروج الذهب)، وهكذا أنقذ السجاد الكثير من أهل المدينة من القتل.
مرة ثانية، والحمدُ للّه على السلامة، على أن تفي بعهدك، ولا تمسّ الرؤساء ولا القيادات الحزبية والدينية بمكروه، ولو تكرّمت بالدعاء لهم بطول العمر ودوام الصحة والعافية، لكان أوفى منك وأكرم.