ينتظر اللبنانيون اسبوعاً آخر، باعتبار الصبر مفتاح الفرج، بصرف النظر عن الأجواء المتأرجحة بين التفاؤل والتشاؤم، والتي حرص الرئيس المكلف ان يغلّب عليها طابع الارتياح والتفاؤل، وتُشير اوساطه إلى ان الإنجاز الذي تحقق تمثل بإعادة فتح الخطوط المغلقة.
وكان الرئيس الحريري وصل مساء أمس إلى مدريد للمشاركة في حفل تخريج جامعي، على ان يمضي بضعة أيام في الخارج يعود بعدها إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، لاطلاق حركة لتفعيل الاتصالات من أجل تضييق شقة التباين، وتشكيل حكومة، تؤكد أوساط الرئيس المكلف لـ«اللواء» انها ستكون حكومة «وحدة وطنية» لا تستبعد أي طرف.
ومع انه نقل عن النائب السابق وليد جنبلاط قوله ان «الامور ما تزال مكانها، وانه ليس في وارد تقديم تنازلات ما لم يقدم غيره على تقديم تنازلات مماثلة، من قبل فريق بعبدا والنائب جبران باسيل».
إشارات التعقيد مستمرة
وفيما أعطى سفر الرئيس الحريري أمس إلى مدريد ومنها إلى لندن، «اجازة» لمشاورات تأليف الحكومة، قد تمتد إلى حين عودته إلى بيروت الاثنين المقبل، تركت مواقف الوزير باسيل، والتي حمّل فيها معظم الأطراف السياسية مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، من دون ان يغفل التصويب على «القوات اللبنانية» كاشفا من انه سبق انه ابلغها «تعليق تفاهم معراب»، إشارات إلى ان عقد التأليف ما زالت على حالها، وان ظروف عقد اجتماع حاسم بين الرئيس الحريري والوزير باسيل لم تنضج بعد، مثله مثل مساعي عقد لقاء بين باسيل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، خاصة بعدما ردّ عليه الأخير متهما اياه و«تقويض العهد» وانه «يأخذ دور رئيس الجمهورية»، متمنيا على الرئيس ميشال عون ان «يقوم بتدخل سريع وعملية إنقاذية لوقف مسلسل صدام باسيل مع الجميع», لافتاً إلى ان لا أحد يُمكن سحب التكليف من الرئيس المكلف.
غير ان الإشارة الوحيدة نحو إمكانية حلحلة العقدة الدرزية، صدرت عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حينما أبلغ «اللواء» بأن الوقت الآن ليس لتقديم تنازلات طالما غيرنا لن يقدم تنازلات»، وهذا يعني بحسب مصادر مطلعة انه بالإمكان حلحلة العقدة من ضمن «صفقة تبادل تنازلات»، يُمكن ان تسري ايضا على العقدة المسيحية التي يراها الرئيس نبيه برّي بأنها «العقدة الام».
ولم يشأ جنبلاط الدخول في سجالات مع أي طرف، أو الرد على اتهامات «التيار الوطني الحر» له بعرقلة وتأخير بتشكيل الحكومة، نافيا ان يكون قد اطلع على ما قاله الوزير باسليل، مضيفا بأنه «لن يطلع عليه».
وجاءت إشارة جنبلاط، فيما كانت محطة OTV الناطقة بلسان التيار العوني، تستضيف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، الذي عزا نجاح جنبلاط في الانتخابات الأخيرة إلى الرئيس بري الذي أمن له كتلة من 7 نواب الدروز، مؤكداً ان هذه الكتلة ليست من ذراع جنبلاط وحده.
وقال: «انا لا يهمني عندما يواجهني جنبلاط بعضلاته لكنه يواجهني دائماً بعضلات غيره، تارة بعضلات السوريين، وأخرى بعضلات السعودية، أو عضلات الرئيس برّي، معتبراً ان تحالفه مع الوزير باسيل هو اكثر ما يُقهر جنبلاط حتى أكثر من التحالف الانتخابي.
وأكد أرسلان انه لن يقبل إلا ان يتمثل حزبه في الحكومة المقبلة عن حصة الدروز، وانه هو الذي يُقرّر إذا كان سيتمثل شخصياً أو وزير غيره، ومع حقيبة محترمة.
عون: اسبوع حاسم
وفي سياق المعلومات التي أكدت لـ«اللواء» سابقا بأن الرئيس الحريري سيقوم بعد عودته من الخارج، بوضع مسودة حكومية جديدة يحملها إلى رئيس الجمهورية للتشاور في شأنها، جزم الرئيس عون امام زواره أمس بأن الأسبوع المقبل سيكون حاسما بشأن ولادة الحكومة، وان الرئيس المكلف سيتخذ القرار في عملية التشكيل، مؤكدا ان الحكومة الجديدة ستكون صورة عما افرزته الانتخابات النيابية على أساس القانون النسبي، أي ان كل مكوّن سيتمثل بحجمه التمثيلي الشعبي وإلا فلماذا ناضلنا من اجل القانون النسبي.
واستغرب الرئيس عون قول البعض إن تأخير التشكيل الحكومي يأكل من رصيد العهد فيما عليه اعتبار كل الحكومة حكومته بدلاً من سعيه لكتلة وزارية رئاسية، ويشير الى ان تجربة الحكومة المستقيلة أظهرت وجود الكتل المعارضة التي عملت على احباط الكثير من المشاريع والاصلاحات التي دعمها رئيس الجمهورية ووزراؤه. لا سيما أبرز دليل على ذلك ما فعلته الى ثلاث او اربع كتل لعرقلة تنفيذ خطة الكهرباء. وذكّر بأن خطة الكهرباء وضعت منذ العام ٢٠٠٩ الا انها بقيت تحارب ومنع تمويلها كيلا يسجل بتنفيذها انجازاً لصالح الفريق الرئاسي.
واكد رئيس الجمهورية ان خطة الكهرباء وضعت اخيراً على سكة التنفيذ وبدأ بناء المعامل، وأن مهمة البواخر مؤقتة لتأمين الكهرباء في المرحلة الانتقالية.وجزم ان الحكومة المقبلة ستولد قريباً وستكون فاعلة ومنتجة وقد وضع لها ثلاث مهمات أساسية:
- تنفيذ الخطة الاقتصادية الوطنية لتفعيل القطاعات الإنتاجية والحد من الاقتصاد الريعي.
- اعادة النازحين السوريين الى سوريا عودة آمنة.
- ومكافحة الفساد، التي يؤكد الرئيس عون انها لن تكون شعاراً، لا بل انه يعد اللبنانيين بأن عهده سيشهد حملة إصلاح في ادارات ومؤسسات الدولة. ويشير الى انه بدأ العمل على تحديث كل القوانين والتشريعات المتصلة بالعملية الإصلاحية ودور الأجهزة الرقابية.
وختم مطمئنا: «كونوا على ثقة ان الإصلاح في عهدي آت وسيتحقق. وانتم ستكونون الشهود على ذلك».
باسيل
وفي أوّل إشارة إلى ان «التيار الحر» حسم خياره في اتجاه عدم الفصل بين الوزارة والنيابة، أعلن الوزير باسيل «أن الفوز الذي تحقق في كسروان الفتوح سيترجم في الحكومة بوزير من التيار الوطني الحر من كسروان». وقال: ان الذي حققناه في الانتخابات النيابية بقوتنا وليس بدعم خارجي أو مال مؤتمنون عليه ولن نتنازل عنه الا للشعب اللبناني الذي صوت لنا واختارنا لان نكون اكبر كتلة نيابية في البرلمان».
وقال خلال رعايته افتتاح مكتب الخدمات في التيار لكسروان -الفتوح غامزاً من قناة «القوات»: «يعتقدون انهم يريدون أن يأخذوا منا الشيء الذي لم يستطيعوا الحصول عليه سابقا بملايين الدولارات التي حصلوا عليها من الخارج لاسقاطنا في الانتخابات النيابية، لكن فزنا بأكبر تكتل نيابي».
جلسة التشاور
وعلى خط آخر، ترددت معلومات عن انزعاج الرئيس الحريري من رغبة الرئيس برّي بعقد جلسة عامة للمجلس النيابي، الأسبوع المقبل، للتشاور في الأوضاع العامة ومنها الموضوع الحكومي، على اعتبار ان انعقاد مثل هذه الجلسة قد يفسّر على تحميله شخصياً مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة، وربما كان هذا الأمر أحد دوافع زيارة الرئيس فؤاد السنيورة إلى عين التينة، أمس، حيث من هناك على ضرورة «العودة إلى احترام اتفاق الطائف واحترام الدستور الذي انبثق عن هذا الاتفاق والعودة إلى احترام القوانين من قبل الجميع»، وحيث أكّد ايضا ان الرئيس برّي حريص مثله على الاحترام الكامل للنصوص الدستورية».
وفيما أكدت مصادر الرئيس برّي ان الجلسة هي للتشاور في كيفية الخروج من الأزمة، وحث المعنيين بتشكيل الحكومة على الخروج من حال المراوحة، وليس لتحميل المسؤوليات لهذا الطرف، أو ذاك، أوضح الرئيس السنيورة لـ«اللواء» «انه اثار الموضوع فعلاً مع الرئيس بري لكن لم يطلب منه تأجيل او الغاء الجلسة، وقال: ان الرئيس بري بحكمته وتبصره سيعالج الموضوع بما يراه مناسباً وسيجد كل المخارج للموضوع، وهو مدرك لكل الامور وسيقوم بعمله على اكمل وجه وانا واثق من ذلك ولا توجد اي مشكلة بين الرئيسين».
وتساءل السنيورة: لماذا التركيز فقط على موضوع الجلسة؟ الم يتوقف احد عند ما اثرته لجهة احترام الدستور؟ ماذا يقول الدستور؟ يعني صلاحيات الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة ونقطة على السطر.
وعن كيفية المعالجة؟ قال الرئيس السنيورة الذي احتفل أمس بعيد ميلاده: «ان البحث ليس فقط عن معالجة المشكلة بل عدم خلق مشكلة، وليس هناك التباس في هذا الموضوع على الاطلاق، وستكون له معالجة صحيحة ولننتظر كيف سيعالج الرئيس بري هذا الموضوع بحكمة وتبصر بما يجعله يأخذ القرار الصحيح». 
الطعن بنيابة جمالي
وعلى صعيد ما يتردد من شائعات بشأن قبول المجلس الدستوري الطعن المقدم من المرشح طه ناجي ضد نيابة السيدة ديما جمالي، حسم رئيس المجلس الدكتور عصام سليمان هذا الموضوع، الذي ربما كان هدفه التأثير على الجو السياسي المحيط بتشكيل الحكومة، مؤكدا في بيان ان «كل المعلومات المتداولة بشأن الطعون النيابية عارية تماما من الصحة، ولا أساس لها الا في مخيلة من يروجها».
وأوضح ان «المجلس الدستوري منكب على دراسة الطعون والردود عليها من المطعون في نيابتهم، وسيباشر التحقيق في جميع الوقائع الواردة فيها والاستماع الى المسؤولين في الشركة التي تولت برمجة الانتخابات وتشغيل البرنامج، والتدقيق في محاضر الفرز ولجان القيد، وعند الضرورة في أوراق الاقتراع».
وقال: «إن أعمال المجلس الدستوري محاطة بسرية تامة، وهي بعيدة كل البعد عن التدخلات السياسية».
اما النائب جمالي نددت على مروجي الشائعات وأصحاب المحاولات المشبوهة، داعية اياهم إلى ان «يخيطوا بغير هالمسلة»، وإلى ان يوفّروا جهودهم في أمور يستفيد منها البلد، وليتركوا للقضاء مهمة الحقائق بدلا من ان يعمدوا إلى التشويهات في سبيل تحقيق غايات لا تخدم البلد». وأكدت خضوعها سلطة القانون واحترام كلمة القضاء، لا سيما في ما يتعلق بالطعن المقدم».
سلامة في بعبدا
مالياً، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان الأوضاع النقدية مستقرة، وكل ما يقال غير ذلك لا يستند الى معطيات رقمية صحيحة، ونسبة النمو في السنة الحالية مقدرة بـ2% والودائع في المصارف اللبنانية تنمو بنسبة 5% سنويا وفق النمط الحالي.
واوضح من قصر بعبدا بعد ان اطلع الرئيس عون على المعطيات المالية والاقتصادية في البلاد في ضوء التقارير المتوافرة لدى المصرف، ان «حيال المتغيرات الحاصلة في الاجواء الناشئة بسبب ارتفاع الفوائد العالمية في المنطقة، فان وضع لبنان مستقر ايضا». وردا على سؤال حول الوضع العقاري، لافتا: «على الصعيد العقاري، إلى صدور تعميم عن مصرف لبنان يجيز للمطورين العقاريين اقفال ديونهم بعقارات من دون ان يصنفوا ويمكن للمصارف ان تقسط على 20 سنة العقار الذي اخذته». وعما يشاع عن وضع أحد المصارف، اكد ان لا صحة لكل ما يشاع والمصرف المركزي يسهر على اوضاع المصارف والمحافظة على حقوق المودعين وسلامة الوضع النقدي عموما.
عودة نازحين
الى ذلك كشف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ان «دفعتين من النازحين السوريين ستعودان إلى سوريا في الأيام القليلة المقبلة الأولى من عرسال وتضم نحو ألف والثانية قد تكون من منطقة شبعا». وقال خلال تدشينه مبنى دائرة امن عام البقاع الثانية ومركز امن عام بعلبك الاقليمي، ان «افتتاح المركز سيلاقي الخطة الامنية انمائيا والتي تعبر عن تطلعات اهالي البقاع. لأنها لأهله وليست ضدهم»، مؤكدا ان «اننا واثقون من ان نجاح الخطة الامنية التي تشارك فيها المديرية العامة للامن العام بفعالية، سيوفر ظروفه اهل البقاع وابناؤه. هذه البقاع التي كانت بقاعاً تركت لأقدارها، لم يتم الاستثمار في بناها التحتية، ولا في مواردها البشرية، ووعود الزراعات البديلة كانت عرقوبية بامتياز» لافتا الى ان «البقاع ليس مرتعاً للارهابيين، بل كان وسيبقى قلعة من قلاع الحرب على هؤلاء، وهو ليس مغلقاً على الدولة واجهزتها».
ولم يخل احتفال بعلبك، وعلى هامشه، من غمز ولمز من الوزير غازي زعيتر بحق النائب جميل السيّد، الذي غاب عن الحفل، على خلفية الاشتباك الحاصل بينه وبين حركة «امل»، ولا سيما عندما أكّد، انه «ليس منا من يعمل في الفتنة» ووصف السيّد من دون ان يسميه بـ «نقيق الدجاج»، وبأن من كان قبل اللواء إبراهيم لم يقدم شيئا لمنطقة بعلبك.
وسارع السيّد للرد على زعيتر، من دون ان يسميه، معتبرا ان بعض الأشخاص يستنزفون دور الرئيس برّي، وقال: «كان الله في عون برّي وفي عون حركة والامام الصدر من امثال هؤلاء»