كل مرة تمر فيها البلاد بأزمة اقتصادية، يطفو على السطح موضوع زراعة الحشيشة في البقاع وضرورة تشريعها للإستعمالات الطبية، لما تدر هذه الزراعة من أموال طائلة على منطقة البقاع المحرومة خصوصا وعلى لبنان وماليته بشكل عام .
هذا الموضوع القديم الجديد طرحه الرئيس نبيه بري اليوم أثناء لقائه مع السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد حيث أبلغها أن المجلس النيابي بصدد التحضير لدرس وإقرار التشريعات اللازمة لتشريع زراعة الحشيشة وتصنيعها للإستعمالات الطبية .
هذه الزراعة وإن كانت دخلت الى البقاع منذ سنوات بعيدة ( 1927 )، وانتشرت هناك بشكل واسع بسبب أهلية التربة التي لا تنتج إلا الحشيشة والبطاطا، وبسبب سهولة زراعتها وعدم حاجتها للري ، بقيت محل تجاذب وملاحقة من قبل السلطات المتعاقبة ولا يتم تصريفها إلا عبر التهريب من خلال الحدود السورية وبطرق غير شرعية بالتواطؤ مع السلطات الأمنية على ضفتي الحدود .
إقرأ أيضا : قمة هلسنكي وجميل السيد
يأتي إعلان الرئيس بري اليوم عن الموضوع بعد تدهور الوضع الإقتصادي والمعاناة الكبرى لأبناء البقاع خصوصا وكان سبقه إليها منذ فترة زعيم المختارة وليد جنبلاط ومحاولة النائب الحالي جميل السيد ركوب موجة المعاناة لمآرب في نفس جميل .
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو هل المضي بهذا الموضوع إلى نهاياته يحتاج الى موافقة الإدارة الاميركية ؟ الأمر الذي دعا الرئيس بري لإبلاغ السفيرة الاميركية به، فإذا ما كان الجواب البديهي هو نعم ( لعدم وجود مصانع إستهلاك وضرورة تصديرها ) ، فهذا يأخذنا إلى سؤال طبيعي ثاني ، هو هل ستسمح أميركا بتشريع هذه الزراعة في هذه اللحظة تحديدا ؟!
فإذا أخذنا بعين الإعتبار أن نبتة الحشيشة يطلق عليها تسمية " النفط الأخضر "، يُضاف إلى هذا التذكير بأن مناطق البقاع تخضع بشكل شبه كامل لنفوذ "حزب الله " مما يعني بأن الحزب سيكون المستفيد الأول من هذا المورد المالي الكبير في وقت أن أميركا ترامب تسعى بكل جهدها لتجفيف الموارد المالية عنه إن عبر العقوبات المباشرة أو من خلال الحصار على النفط الإيراني مما يعني أن أميركا حتما لن تسمح بتشريع الحشيشة في لبنان حتى لا تكون بديلا عن النفط الإيراني .
أقول قولي هذا مع الإعتذار من أهلنا في البقاع وكي لا يعيشوا على أوهام كانوا خبروها عندما وُعدوا بالزراعات البديلة منذ 1992 ولم يحصدوا من هذه الوعود إلا الخيبة تلو الخيبة .