صادف أن التقى الكلاَّس بالطحَّان بعد أن قرَّر أبويهما بإرسالهما إلى الحوزة في قم المقدسة، تحصيلاً لعلوم أهل البيت (ع) بعد أن فشلا في تحصيل العلوم العصرية،ولم ينجحا في مهنة أبويهما في ورشة الطحين ومعمل الكلس..
يافعان ذهبا بمريلة الطفولة إلى النجف الأشرف أولاً لزيارة مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) واستئذان مولانا الإمام الحسين (ع) في كربلاء بالسفر إلى إيران، وهناك إشتركا في غرفةٍ واحدةٍ ووجدا ضالتهما بمعلمٍ وأستاذٍ في اللغة العربية الذي تعب معهما طيلة دراسة اللمعة الدمشقية، وبعد أن ضاق صدر الأستاذ فيهما قرَّر ترك تعليمهما لأستاذٍ آخرٍ أكثر إتساعاً لفشل التلميذين، وبعد أن قضيا مقدِّمات طويلة في دراسة المقدمات أرهق الأستاذ من تعليمهما المنطق واللغة العربية..
في مرحلة السطوح تسطَّحا على ظهريهما ولم يستطيعا السبحة طويلاً على شاطئ بحرٍ من بحور العلوم الدينية، وبعد مضي سبع سنينٍ عجافٍ وصلا إلى لبنان شيخان من كبار علماء جبل عامل،وأصبحا من المرشدين للمفسدين، ودخلا العمل الحزبي الذي طُردا منه بعد فشلهما في العمل السياسي والتربوي والتبليغي، وهذا ما دفعهما إلى ملاقاة بعضهما في العمل على تكوين نقابةٍ مشيخيةٍ يرأسها الطحَّان وينوب عنه الكلاَّس، واستطاعا أن يستقطبا بعضاً من بسطاء رجال الدين..
إقرأ أيضا : الخطاب العاشورائي...بقلم الشيخ عباس حايك
وبعد دفع رواتب شهرية للمشايخ المنتسبين إلى عضوية نقابة العلماء لمدة سنة، تمَّ بعدها فرط هذا التجمع العلمائي لأسباب سياسية ومالية، عندها دبَّ الخلاف وشبَّ بين الرئيس ونائبه حول فشلهما الدائم والمستمر منذ الحوزة ووصولاً إلى النقابة، واحتدم الخلاف أكثر بعد أن أصبحت العناوين الشخصية والحسابات المالية تعصف بموقفهما اتجاه بعضهما، وهنا تدخل الشيوخ المقطوعة عنهم رواتب آخر الشهر للصلح ما بين الرئيس ونائبه، ولكن كان الفشل أقوى من نجاح مهمة الإصلاح، وهذا ما دفع الصديقين اللدودين إلى التعارك بالأيدي بعد السبِّ والشتم وفضح المستور بينهما، وقد علا صوت نائب الرئيس على رئيسه قائلاً له: أنا الذي صنعتك على عيني ولم تكن شيئاً وكنت نسياً منسياً، ولولاي لكنت كنَّاساً تكنس مطحنة أبيك ؟
فتبسَّم الرئيس ضاحكاً مستهزءاً أوَ يُغَبِّرُ الكلاَّس على الطحَّان..!
وهكذا باعد الغبار الكثيف بينهما ودفعهما إلى عداوةٍ مكشوفةٍ يُصلي كلٌّ منهما نارها للآخر..
عجبت من حوزةٍ فيها ما فيها من حكايا وقصص وما فيها من شرٍّ مستطيرٍ ومن بلاءاتٍ يدفع الناس باسم الدين ضريبة أمثال هؤلاء من رجال الدين.