يمر البلد في مرحلة لم يعرفها في تاريخه حتى في زمن الحرب الأهلية.
أزمات تضربه من جميع الجهات، وطبقة سياسية – طائفية غارقة في صراعاتها، مع العهد الجديد المسمى "بالقوي"، فيما تثبت الأيام عجزه وفشله كما وصفه الأستاذ وليد جنبلاط ، وفي نظرة على الوضع العام، يمكن أن نشهد على تخبّط البلد من خلال مفاصل وعناوين تشكل الجزء البسيط مما هو أخطر، إن لم تتنبه تلك الطبقة السياسية للمخاطر المحدقة بالبلد .
ما تشهده البلاد اليوم من خلافات متجذّرة بين الأطراف، تتخطى الحصص والتفاهمات والتوافقات. لم يعد مجالاً للترف، ولا للتساوي.
براغماتية مغلّفة بخطابات شعبوية وسقوف مرتفعة، في ظل اوضاع اقتصادية ومالية خطيرة ،وفي هذا السياق كشَفت بعض المصادر المتابعة ،عن نصائح خارجية تلقّاها لبنان في الآونة الأخيرة، من جهات دولية، خبيرة بالشأن المالي والاقتصادي، بالمبادرة الفورية الى إيجاد المخارج العاجلة والضرورية للوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، لكي لا يتفاقم الحال إلى ما هو أسوأ وأخطر، كما دعت بعض المراجع الاقثصادية والمالية ، إلى التوقّف مليّاً عند البيان الأخير للمجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وأهمّ ما في بيان صندوق النقد الدولي، بحسب المراجع المذكورة، تنبيهُه إلى أنّ لبنان بات يحتاج إلى ضبطٍ ماليّ فوري لتحسين القدرة على خدمة الدين العام المتفاقم الذي تجاوَز 150 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي في نهاية العام 2017. وهذا يوجِب مسارعة لبنان الى اتّخاذ الإجراءات الضرورية والفورية الكفيلة لوضع حدٍّ لهذا الوضع الذي يزداد انحداراً نحو الهاوية.
وفي ميادين أخرى، حدّث ولا حرج. عن أزمة الكهرباء التي أعطيت وعود للبنانيين منذ العام 2010 بعودتها ، وما زال الانتظار سيد الموقف وسيبقى حتى إشعار آخر . يشهد ويسمع المواطن اللبناني يومياً، حديثاً صحيحاً عن صفقات الكهرباء والنفط والاتصالات، وهي صفقات تدر الملايين من الدولارات على الطبقة السياسية. يترافق ذلك بالتهريب غير المحدود للبضائع وحرمان الخزينة من الموارد الجمركية، وهو تهريب محمي من الميليشيات وبعض أركان السلطة. ولتغطية هذه الآفات، يجري استحضار خطاب عنصري ضد النازحين السوريين، وتحميلهم أعباء الأزمة الاقتصادية والانهيار المقبل. إضافة الى إغراق البلاد بخطاب طائفي ومذهبي لا وظيفة له سوى شحن اللبنانيين لإلهائهم عن مشاكلهم.
إقرأ أيضا : مكانك راوح على خط تأليف الحكومة : العقدة هي القدرة على الحكم والقرار
أما المهزلة في الموضوع كله، فهي أن العهد القوي وخطاب المتنطّحين الى السلطة، يشددان على أن الحكومة المقبلة ستضع في أولوياتها محاربة الفساد.
فكيف يمكن لطبقة فاسدة ومفسدة أن تعالج الفساد؟
الأمر يستدعي السخرية . وسط هذه الفوضى والمخاطر التي يعيشها البلد، أُجريت الانتخابات النيابية التي أعادت إنتاج نفس الطبقة السائدة أصلاً، فأين يقف الشعب اللبناني من كل ما يجري؟
طوال سنوات،لقد انكفأ اللبناني عن الاعتراض في الشارع دفاعاً عن مصالحه. لقد نجحت الطبقة السياسية في "تخديره" فلم يعد يتحرك إلا وفق الغرائز الطائفية والمذهبية التي تتقنها هذه الطبقة. وهو ما يجعل إمكان تغيير الوضع أو تعديله في عالم المجهول. فماذا ينتظر السياسيون والمسؤولون ليُخفِّفوا عن آلام الناس ومعاناتهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية ؟
إقرأ أيضا : القوات تُسهّل تأليف الحكومة حسب استطاعتها، وباسيل يُعرقلّها قدر استطاعته
هل يعتبرون أنَّ قدرتهم على الصبر إلى ما لا نهاية وأنهم قادرون على التحكم بها؟
هل ينتظرون الإنفجار الإجتماعي الآتي لا محالة لكي يبادروا ؟
ألا يمكنهم المبادرة إلى المعالجة من دون ضغط المواطنين في الشارع؟
لقد وصلت اللامبالاة، وربما العجز، وربما الخطر، إلى مستويات غير مسبوقة، فهل هذا هو المطلوب؟
ففي ظل هذه الاوضاع البالغة التعقيد لاشك أن البلاد تمر في ظروف بالغة الخطورة وكأنها تنحدر وبسرعة قياسية نحو الهاوية .