التطمينات التي أعلنها الاقتصاديون في الآونة الاخيرة للّبنانيين، كانت لافتة، ولاقت ارتياحاً في الاوساط الشعبية، وانعكست ايجاباً على الثقة التي تشكل اساساً في مقومات الاقتصاد. لكن الاوساط الديبلوماسية التي تراقب الوضع اللبناني، تلاحظ بداية تأخر في تأليف الحكومة وتبدو غير مرتاحة للغة التي تسود بعض الخطابات.
وتؤكد الأوساط ان "الاقتصاد القائم على الثقة مضافاً اليه الاموال والودائع، لا سيما من المغتربين ومن الشركات، ثم المجتمع الدولي الذي يبدي دائماً جهوزية واستعداداً للمساعدة عبر تحريك الدعم ليتمكن لبنان من ادارة وضعه بنفسه، كلها عوامل تصب في خانة الايجابية الاقتصادية". انما السؤال، اين يكمن الخطر الاساسي؟
تجيب هذه الاوساط، انه "بعد سنة، ستترتب ديون وفوائد لهذه الديون. واذا تم تأليف حكومة من أكفياء وأوفياء في الوقت نفسه، وبدأت الدولة تنجز مشاريع بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، وبدعم من ما انتجه مؤتمر سيدر، ويتم تأجيل الدفع، سيستطيع لبنان تخطي مرحلة حرجة. لكن اذا تشكلت حكومة فيها من لا يتصف بهذه الصفات، فان هناك خطراً حقيقياً. اي ان الخطر يكمن في خسارة الثقة، ما يخربط كل شيء. وبالتالي، يجب وبالتوازي مع تطمين الناس، بأن الاقتصاد لن يقع، ان يقوم كل المعنيين بواجبات تجاه تجنب وقوع الاقتصاد والليرة".
والمهم بحسب الاوساط، وجود حكومة فيها اقتصاديون وأصحاب كفاءة، ويدركون اهمية العمل المشترك مع الدول، ومع القطاع الخاص لتمرير اقله نحو سنتين او ثلاثة، الى حين بدء عملية اعادة اعمار سوريا. لكن اذا كانت هناك اشاعات حول الاقتصاد وخوف، واذا لم يكن هناك حكومة أصحاب كفاءة، فان هناك مشكلة حتماً.
والآن، يمكن للبنان الخروج من حالة الجمود الاقتصادي، طالما يحظى اقتصاده بثقة اهله، وبثقة المجتمع الدولي. وكذلك طالما لديه الرغبة بالاستفادة من مؤتمر سيدر، ومن ودائع المغتربين. وبالتالي، يمكن توفير استقرار اقتصادي لمدة سنتين. وهذا بالتزامن مع الاستقرار الامني الموجود، والامل بتأليف حكومة من الاوفياء ونظيفي الكف والاخصائيين. وبالتزامن مع التواصل مع القطاع الخاص، للحفاظ من خلال كل ذلك على الثقة بالبلد.
وتفيد مصادر سياسية بارزة، ان اية محاولة لفرض حكومة بشكل معين، لن يقبل بها الرئيس المكلّف سعد الحريري. ذلك ان هناك مطالبات متدرجة لدى بعض الاطراف في تأليف الحكومة للتوصل الى حكومة من دون "القوات"، ولتحجيم" الاشتراكي". على ان يتم ذلك وفق طريق يستطيع احد الوزراء البارزين المحسوبين على الحكم، التحكم بـ ١١ وزيراً. وتقول هذه المصادر، انه لا يمكن الاعتبار ان فترة التأليف استغرقت وقتاً طويلاً، لا بل ان عملية التأليف لا تزال ضمن المهلة الطبيعية. حكومة الرئيس تمام سلام السابقة استغرق تأليفها نحو ١٠ أشهر. وتؤكد المصادر، ان تشكيل الحكومة فقط لا يعني انه سيعطي صدقية للبنان. انما منذ "الانقلاب" على حكومة الرئيس الحريري سابقاً، لم يستطيع لبنان ان يضبط اقتصاده ويطوره. والآن هناك مساعٍ وبالتعاون مع المجتمع الدولي للتوصل الى التنمية الشاملة وتطوير الاقتصاد والبنى التحتية.
وتشير مصادر ديبلوماسية مطلعة، الى ان الوضع الاقتصادي وتطورات الوضع في المنطقة، يفترض ان يحفزا كل الاطراف في الداخل على تسهيل التشكيل. فالانتخابات النيابية حصلت من اجل ان ينطلق البلد. والآن مرّ على وجود هذا العهد نحو سنتين، فماذا تحقق، ومتى يعمل العهد؟ فالحاجة ماسة الى التخطيط ورؤية ما الذي يحصل في المنطقة. والتحديات امام لبنان كبيرة، الامر الذي يحتم الاسراع في تشكيل الحكومة. ويعمل سفراء لدول كبرى على استطلاع اجواء التأليف واحاطة بلادهم بأجواء الوضع اللبناني.