"إنها علامات التأخر الحكومي والآتي أعظم". يقول سياسي متفرج على حفلات الشتم والشتم المضاد بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي. ويربط انكسار الجرة بين الطرفين بتأخر تشكيل الحكومة الذي بدأت أعراضه تظهر أمراضاً مزمنة على بعض القوى المتنافسة، ويبشّر بما هو "أعظم".
ليس الصراع العوني الاشتراكي بجديد على الساحة اللبنانية، فالكيمياء غير موجودة أصلاً على خط بعبدا ــ ميرنا الشالوحي ــ المختارة، منذ أن رفض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الدخول بالتسوية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري رئيسا للحكومة. الجميع يعلم أن الصراع القديم وُضع على نارٍ حامية مع بدء التشكيل، إذ يصرّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على توزير النائب طلال ارسلان، بينما يرفض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي توزير درزي من خارج العباءة الاشتراكية.
أما الجديد في الكباش البرتقالي والأحمر مستوى التحقير الذي وصلت إليه الحرب الافتراضية بين جيوش الطرفين، وكان واضحاً دخول التشبيه بالحيوانات على خط المصارعة، الأمر الذي بدا جلياً بتغريدتي النائبين زياد أسود ووائل ابو فاعور.
وإن كان الأخير قد استعان بالمعجم اللغوي الخاص بصغار الحيوانات والحشرات لتجميل عبارات شتم التيار ورئيسه، فإن الأول لم يتوانَ عن الشتم بشكل مباشر مشبهاً جنبلاط بأحد أنواع الحيوانات.
يرفض وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري، والذي كان له نصيب في صراع التغريدات، التعليق سياسياً على الموضوع، ويكتفي بتفسير السبب الذي دفعه للدخول في الحرب بين التيار والاشتراكي.
ويؤكد لـ"ليبانون ديبايت" ان إدخال الشق الاقتصادي بالصراع السياسي من قبل جنبلاط بغير مكانه "فلا يجوز اللعب باقتصاد لبنان، والنزوح السوري الموجود في لبنان خطير جدا على الاقتصاد ولقمة عيش اللبنانيين".
وطالب بتحييد الاقتصاد عن الصراع السياسي، وعدم المتاجرة بملف النزوح السوري، لأنه ورقة خاسرة في السياسة والاقتصاد، وكلفته المباشرة وغير المباشرة على لبنان كبيرة جدا.
بدورها، تحمّل مصادر "الوطني الحر" مسؤولية الصراع الدائر بين الاشتراكي والتيار للبيك الكبير، وتعتبر أن إصرار جنبلاط على وضع اليد على الحصص الدرزية هو من أوصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم. ولا تعترف المصادر بخطأ نواب التيار وتقول "البادي أظلم"، على اعتبار أن جنبلاط هو من فتح النار على نواب ووزراء التيار ورئيسه افتراضياً منذ أيام ورسمياً من على منبر بيت الوسط يوم أمس الأول، وكان يشن حرباً "هوجاء" على العهد منذ فترة.
على الجهة الأخرى، يعيد مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس الحرب الطاحنة بين الطرفين إلى "مقاربة سياسية مختلفة للعناوين السياسية في البلد، وخلاف كبير في وجهات النظر حيال طريقة إدارة الملفات الوطنية، وجانب منها يتعلق بالسلوكيات السياسية والأدبيات الهابطة التي يصرّ التيار الوطني الحر على استحضارها عند كل منعطف".
"غير متفاجئ" الريس بكل ما صدر عن العونيين "تعودنا على أدبياتهم وهذا هو مستوى الأدبيات السياسية التي يعبرون عنها". ويضيف في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" "من وجهة نظرنا الرأي العام اللبناني يستحق أن نقدم له خطابا سياسيا يخاطب العقول لا الغرائز، كما يفعل التيار، وحتى لو قمنا بالرد لا ولن ننجر للمهاترات والسباب والشتائم".
لا وجود لما يسمى العقدة الدرزية، بحسب الريس، ويرى أن "هذه العقدة افتعلها من استولد كتل هجينة ويريد منحها عنوة مقعد وزاري درزي لا حق لها فيه"، ويطالب التيار بالعودة لنتائج الانتخابات النيابية "لحل عقدة هم افتعلوها".
وعن خطوط التهدئة وإن كان هناك من مصلحين دخلوا لترطيب الأجواء بين الطرفين، يقول الريس "لا علم لي بهذا". ما يعني أن الصراع مفتوح على جميع الأبواب بما فيها تعطيل تشكيل الحكومة حتى إشعارٍ آخر.