لا أحد يستطيع فك الألغاز أو أعمال السحرة والشعوذة خاصة اذا ما أتت من الجاهلين الذين يتاورون خلف حجب الجهل ولا أحد بامكانه أن يفهم بعض المسميات التي تطلق بلحاظ الصدمة السياسية من قبل حزبيين يافعين يظنون أن من شاركهم خطوة في طريقهم أصبح واحداً منهم أو منتمياً لجماعتهم أو منتسباً لحزبهم رغم أنهم جيب صغير ويكاد أن لا يُرى في المشهد الأكبر.
تماماً كما هي صورة الروس في وجوه الحزبيين حيث يطلقون العنان لتصورات من خيال الأسطورة التي تستهويهم فيبدو بوتين أحد العائدين من فجوات التاريخ وعلى حصان مسرّج بزينة الولاية ليثأر من القاتلين هناك من المقتلوين في الغوطة ودرعا وضمن رؤية تستحضر الحاضر والماضي والمستقبل في آن واحد لتضع أمامك وهماً وكماً من الانتصارات التي لا تحصى ولا تُعد كما فعلوا من قبل أبناء الممانعة عندما ضموا الطيب أردوغان وأمير قطر الى محور الله ضدّ محور الشيطان وبنوا على هذا الضم فتحاً لا يضاهيه فتح مكة.
إقرأ أيضًا: الذبح على الطريقة الروسية حلال والذبح على الطريقة الإيرانية حرام
اذا كان قيصر الروس رئيس محور الممانعة والمقاومة نتيجة امكانياته لأنه من المعيب جعل روسيا في أسفل لائحة الممانعين وإعطاء الرئاسة لدولة أو لطرف أقل إمكانية من الروس وفي شتى المسائل فمن السخافة جعل الأسد مثلاً أسد المحور في حضور القيصر الذي يعطي المذكور ثوان معدودة كيّ يراه ودون أن يسلم عليه كما حصل أثناء زيارة بوتين لسورية. وهو من يخوض معركة مفتوحة على الإرهاب الذي هو صناعة يدوية من قبل أميركا واسرائيل ووليد رحم السعودية، واذا كان كذلك، فكيف ينسق بوتين عملياته في سورية ضدّ الإرهابيين مع أربابهم ؟ وكيف يطمئن بوتين بنيامين نتنياهو بضمان أمن الكيان من سورية؟ وكيف يتفق بوتين مع قيادة المملكة على أولوية التخلص من إرهاب من أولوياته استهداف المملكة؟ وهناك تعاون في هذا المجال وما التسويات التي تمّت في سورية الاّ إحدى ثمرات التعاون الروسي - السعودي.
في لقاء بوتين بنتياهو تأكيد كالعادة على أولية أمن اسرائيل وتنظيف الحدود السورية لصالح هذه الأولوية وهذه الاستراتيجية القديمة الجديدة والتي تعتمدها روسيا لحماية الكيان العبري كيف يمكن تفسيرها؟ وكيف يمكن فهم العلاقة القائمة ما بين قيصر المقاومة والممانعة وبين الكيان الاسرائيلي باعتباره رئيس محور الإرهاب؟
إقرأ أيضًا: المعارضة السورية تستسلم للروس
هنا تصبح الإشكالية أكثر تعقيداً فلا يمكن لمحور المقاومة أن يضمن أمن محور الارهاب وهذا ما يسيء الى العنوان والى العاملين فيه ويكشف عن خطورة اللعبة في الدماء وعن فضح لجهاد في غير محله وهذا ما دفع من بعض المتنورين الى إعادة النظر في وجهة نظرهم من محور ضدّ العدو الاسرائيلي وفي رأس حربته أصدقاء اسرائيل فلا يمكن الانتساب الى محور مقاوم و ممانع للعدو وتقوده قطر الدولة الأكثر علاقة بالكيان كما لا يمكن أن تكون ممانعاً ومقاوماُ في محور تقوده روسيا أكثر الدول صداقة لاسرائيل وأكثرها نفعاً لها و لأمنها ولمصالحها الاستراتيجية.
حتى الآن العقل الملغى عند الأسطوريين يجد التبرير اللازم ليقنع نفسه ببطولة روسيا في سورية والعالم ويراهن على بوتين في تغيير الخارطة الكونية لصالح صاحب العصر و الزمان ويعتقد أن الله قد سخر الروس لهذه المهمّة التاريخية لهذا تصبح التناقضات جزءً من المنفعة المرجوة كونها تكتيكات تجعل العدو صديقاً والصديق عدواً لدوداً في مساحة من الحسابات الخاسرة.