يراوح تأليف الحكومة مكانه رغم الحراك الذي يسجّل على خط المشاورات منذ بداية الأسبوع. فالعقد لا تزال على حالها في ظل تمسّك كل طرف بمطالبه فيما لوحظ تراجع في حدّة المواجهة المسيحية بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» بعد إعلانهما عن التهدئة أول من أمس. وبانتظار ما سينتج عن اللقاء المتوقع اليوم بين وزير الإعلام ملحم رياشي، ممثل «القوات»، والنائب في «التيار» إبراهيم كنعان، يواصل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري اتصالاته في وقت جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري تلويحه بالدعوة إلى جلسة عامة بعد أسبوعين لمناقشة الوضع القائم في حال استمرّ تعثّر التأليف، فيما دعا إلى جلسة في 17 الشهر الحالي لانتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية.
وفيما لفتت مصادر الحريري إلى لقاءات عدّة سيعقدها الرئيس المكلف خلال الساعات المقبلة نقل النواب عن رئيس المجلس نبيه بري، تأكيده مرة أخرى «وجوب الإسراع بتشكيل الحكومة وعدم الاستمرار بالمراوحة والجمود في ظل هذه الأوضاع الدقيقة التي تمر بها البلاد». ولفتوا إلى «أنه بعد مرور كل هذا الوقت لتأليف الحكومة وإعطاء كل هذه الفرصة فقد دعا بري إلى عقد جلسة للمجلس يوم الثلاثاء المقبل لانتخاب أعضاء اللجان النيابية. وإذا لم يحصل تطور إيجابي في شأن تشكيل الحكومة فإنه سيدعو أيضا المجلس إلى جلسة عامة للتشاور في الوضع العام في البلاد»، مشددا مرة أخرى على «ضرورة التصدي للأوضاع الاقتصادية والمعيشية».
وفي هذا الإطار، أشار النائب في كتلة التنمية والتحرير علي خريس إلى أن بري أعطى مهلة أسبوع بعد موعد جلسة انتخاب اللجان، أي أسبوعين من الآن، للدعوة إلى جلسة لمناقشة تأليف الحكومة، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «خطوة بري التي دق خلالها ناقوس الخطر هي لمناقشة موانع التشكيل ولتحفيز رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ودعوة كل الأطراف للتفكير بالمصالح العامة وليس الخاصة علّهم يستعجلون التأليف». ودعا خريس إلى انتظار الأيام القليلة المقبلة وما سينتج عن الحراك الحاصل «على أمل أن يعودوا إلى ضمائرهم ووطنيتهم». واعتبر خريس أن العقدة الأهم أمام التشكيل هي العقدة المسيحية في ظل الخلاف حول الحصص بين «التيار» و«القوات» بينما تعتبر العقد الأخرى أقلّ وطأة، آملا أن يحقّق المعنيون في اجتماع بكركي اليوم اختراقا ما وألا يكون الهدف منه فقط تخفيف الاحتقان.
ورأى وزير العدل السابق إبراهيم نجار في دعوة بري للجلسة، إذا أقدم عليها، بأنه يدق ناقوس الخطر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قيمة هذه الجلسة الجائزة قانونيا هي اعتبارية، سياسية أخلاقية وتعني أن البرلمان لا يراقب فقط الحكومة وهي تعمل بل أيضا خلال التأليف ويحث المسؤولين على الإسراع بمهمتهم»، مضيفا: «بالتالي هي تمثل ضغطا معنويا وسياسيا من دون أن يكون لها صفة الإلزام».
واستمرت أمس المواقف المحذرة من تأخر التأليف، فيما لوحظ شبه غياب لمواقف مسؤولي «التيار» و«القوات» الذي دعا رئيسه سمير جعجع الأطراف إلى ملاقاة الرئيس المكلف.
وأكد جعجع خلال حفل تخريج الدفعة الأولى من كوادر جهاز تفعيل دور المرأة ومصلحة النقابات أن «الوضع العام في البلاد لا يتحمل أي تأخير في تشكيل الحكومة»، لافتاً إلى أن «الرئيس المكلف سعد الحريري يقوم بجهد كبير على هذا الصعيد ولكن يبقى أن تلاقيه كل القوى السياسية في مسعاه هذا لكي تولد الحكومة الجديدة».
وكانت الحكومة موضع بحث بين مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان والوزير السابق غازي العريضي الذي كرّر رفضه توصيف «العقدة الدرزية». ومع تأكيده على مطلب الحزب «التقدمي الاشتراكي» بحصر التمثيل الوزاري الدرزي به، قال العريضي بعد اللقاء: «ليس ثمة عقدة درزية، ثمة عقدة من وليد جنبلاط، هذه مسألة لا تحل إذا استمر التعاطي مع الأمور على ما هو عليه»، مضيفا: «ثمة حق مكتسب مكرس بالانتخابات بمنطق الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب صلاحية في تشكيل الحكومة، والصلاحية في يد رئيس الحكومة فقط، هكذا يقول الدستور، من حق فخامة الرئيس المحترم بموقعه ومقامه أن يرفض أي تشكيلة حكومية. هذا حق مكرس في الدستور، لكن من يبادر ويقترح ويقدم التشكيلة الحكومية بشكل أساس هو رئيس الحكومة المكلف». ودعا إلى احترام الدستور من دون استقواء بالسلطة... والاستقواء لا يمكن أن يؤدي إلا إلى المشكلات في البلد».
كذلك، اعتبر النائب في «الاشتراكي» هادي أبو الحسن في حديث إذاعي أن «حزبه لا يملك شيئا ليتنازل عنه تسهيلا لتأليف الحكومة»، وقال: «لا يجوز أن يتم حسم الأمور من أجل تأليف الحكومة لمصلحة طرف على حساب الحق التمثيلي لطرف آخر»، داعيا جميع الكتل إلى العودة إلى أحجامها الحقيقية.
وأكد أن «الاشتراكي» يشدّ على يد الرئيس المكلف في مسعاه للتأليف، وعلى جميع القوى السياسية المساهمة في تسهيل تشكيل الحكومة بأسرع وقت، وسأل: «هل يجوز أن تحصل كتلة من 7 نواب على وزيرين وطرف ممثل بنائب واحد على وزير؟»، في إشارة إلى سعي «التيار الوطني الحر» لتوزير رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان وهو ما يرفضه النائب السابق وليد جنبلاط.