بعد أن خطبوا وأثقلوا أسماعنا بوعود لا حصر لها جعلت من الجنوب جنة تجري من تحتها الأنهار لا الدماء فقط، وبعد أن قطعوا الوعود حصدوا نتائج أفرزت أحجامهم لا أحجام الآخرين المشطوبين من لوائح الشعب قسراً وبقوّة النفوذ والسيطرة وغلبة منطق المصالح التي سيطروا فيها على الخدمة المتعلقة بحاجات المواطنين من البابوج الى الطربوش.
لم يتركوا داراً إلاّ ودخلوها محرضين على عدو من صنع الخيال والوهم وأشعروا الجنوبيين بأن العدو لا على الحدود بل على الباب وغُرف النوم وبسطوا ألسنتهم لمرويات لا يصدقها إلاّ بسطاء القوم ولكن آمن بها جهابذة الأساتذة و المتعلمين من أمشاط الطائفة حتى أن العلمانيين أغرتهم أسطورة النواب في خلق ذئب آت لقتل أبناء الأنبياء و الأولياء فحشدوا بقاياهم واحتشدوا ضدّ الذئب والى جانب فريسة النوّاب.
آنذاك أسلم الجميع لمخيال المرشحين من نواب الطائفة المحاصرة بعداوات لا حصر لها من أميركا الحاكمة للعالم الى العدو الاسرائيلي الذي ينتظر فرصة الثأر من النصر المؤزر والمسدد من السماء مباشرة رغم خوفه وبلله من شدة الخوف اذا ما قرّر اللعب بالنار بفتح حرب ستحرق ما بقي له من أخضر في فلسطين المحتلة، الى دول الخليج التي تدفع بنفطها دفعة واحدة للتخلص من طائفة الممانعة وتعد المؤامرات وتحيك أحابيل الشياطين لتلقي بالسادة النواب الممثلين لإرادة الكرامة في نار التهلكة، الى أوروبا التي لم تعدم وسيلة لكسب سبق النيل من حجاج النيابة والوزارة، الى الإرهاب الذي ولد أصلاً من رحم هؤلاء الشياطين لزلزلة المؤمنين ولكن هيهات هيهات أن يكون لهؤلاء الشياطين على أولئك المؤمنين سبيلاً.
إقرأ أيضًا: نشرة المنار الإخبارية يقرأها المستقبل وصوت الكتائب وتلفزيون القوّات
بعد نتائج الانتخابات ماتت هذه الحكايات وبات الحديث عن من فاز بأكثر الأصوات من الحجّاج ودخل الجميع في فرز الأصوات داخل كل قرية ومدينة جنوبية وقيل ما قيل عن خسارة هنا وربح هناك نتيجة أسباب لا حصر لها وتباهى الفائزون بفوز في حرب لا أخصام فيها، وكانت المفاجأة الكبرى هو صعود كتلة وهبوط كتلة على ضوء منسوب الأصوات وهذا ما فتح السجال الداخلي على خطأ لا يغتفر من قبل الهابطين في مظلة الخدمات وهذا ما أنعش الكتلة المحصلة للنسبة الأعلى من الأصوات التفضيلية على وجه الخصوص كونها تمييز بين الإخوة فتعطي وتحجب بحسب الرغبة فتقرّب و تُبعد من تشاء لحساب حسابات سياسية أرادها البعض شيكاً مفتوحاً في بنك الجنوب.
العودة الى الوراء دفعٌ الى الأمام على خلفية الوعود المقطوعة لواقع مأزوم وفيه تتجدّد الأزمات دون أن يكون هناك تحرّكاً بسيطاً وكأن دابة الراكب النائب لا تتحرّك الاّ في مواسم الانتخابات فتعبُ الدروب وتجول الشوارع ليلاً ونهاراً دون ملل أو تعب فلا من يرى حرق النفايات في القرى ولا من يعنيه أمر تلوث النهر و البحر يبدو أن لديهم مسابح خاصة فلا حاجة لهم بالبحور والأنهار ولا من مهتم للماء والكهرباء مادامت بيوتهم عامرة بما أفاض عليها الشعب من بركات السلطة.
أمس، احترقت في مدينة النبطية محطة الكهرباء ولم تعد تصل ساعات التغذية المعدودة الى شعب النوّاب وانتظر من يريد الانتظار مرور صفارة سيارة زرقاء للإطلاع على مشكلة تحتاج الى حل فوري وهنا سأل الناس أين أبو حسن و أبوعلي و أبو حسين ممن انتفخوا بأصوات المحبين من الجنوب الحبيب؟ وسأل الناس عن سُرعة البرق في حلّ مسألة سهلة على أبي حسن وأبي علي و أبي حسين وهي صعبة على غيرهم كونهم لا ينامون على الثريات ما دام هناك جنوبياً يبيت على شمعته الأخيرة.
أطال الله بعمر الرئيس نبيه بري الذي أشعل بكبريت الحرمان يباس الناس فاخضوضرت أرض الجنوب ولم يروِ غيره عطش التراب.