يستعد الكنيست الإسرائيلي للتصويت على مشروع قانون "القومية" الذي تقدمت به مجموعة مجموعة من الأحزاب الاسرائيلية على رأسهم الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عضو الكنيست آفي ديختر، بعد أن صادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع على أساس أن دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي.
وتجمع أحزاب المجتمع الإسرائيلي السياسية والدينية على يهودية الدولة وعلى المشروع الصهيوني كحجر أساس في إقامة الوطن القومي للشعب اليهودي، لكنها لا تزال تختلف حيال الصيغة المقترحة لمشروع "قانون القومية"، بينما تواصل الحكومة إجراء تعديلات عليه لعرضه في يوليو / تموز القادم على الكنيست لإقراره نهائيًا.
وينص القانون على أن الحق بتقرير المصير والتعبير عن الهوية والتماهي مع الرموز القومية يقتصر فقط على اليهود، لتكون العبرية هي اللغة الرئيسية والوحيدة للدولة، بينما تلغى العربية كلغة رسمية وتصبح ثانوية، مع منحها مكانة خاصة وضمانا للناطقين بالعربية بالحصول على خدمات الدولة بلغتهم.
وتشدد بنود القانون على أن الرموز اليهودية والصهيونية هي الأساس في النشيد الوطني وعلم الدولة، مع منح الأفضلية للطابع اليهودي على النظام الديمقراطي، على أن يضمن التشريع لكل مواطن ودون تمييز الحفاظ على ثقافته وتراثه، وتكون الدولة صاحبة الحق في إقامة بلدات خاصة بالمجموعات الدينية وأبناء القومية الواحدة.
إقرأ أيضًا: فضل الله الفقيه المجدد خالدٌ كأن حضوره أزلي
ويهدف القانون إلى تحديد تعريف دولة الاحتلال بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي "دولة يهودية- ديمقراطية"، وتحديد رموز الدولة، وأن القدس عاصمة إسرائيل.
اليوم أعاد الإعلام الصهيوني التركيز على هذا القانون عشية طرحه مجددًا على الكنيست للموافقة عليه بعد التعديلات الأخيرة وقال نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي خلال اجتماع رؤساء الائتلاف الحكومي، إن "قانون القومية مهم لنا، مثلما توجد قوانين مهمة لكم (في إشارة إلى قانون التجنيد)، وأنا أحترم ذلك وأتوقع منكم أيضاً أن تحترموا تمرير القانون.”
ويسعى نتنياهو، لإنجاز هذا القانون باعتباره يحدد دولة إسرائيل كوطن قومي لليهود وأن لا أحد غير اليهود يملك حق تقرير المصير فيها.
وكشف موقع "يديعوت أحرونوت"، اليوم الإثنين، أنه تمّ إدخال تعديلات إضافية على قانون الدولة القومية، الذي لا يزال موضع خلاف داخل أحزاب الائتلاف الحاكم، خاصة في ما يتعلق بتحديد من هو اليهودي، وهو ما يعارضه وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، خوفاً على عدم الاعتراف بيهودية نحو 400 ألف روسي هاجروا إلى إسرائيل لا تعترف القيادة الدينية الإسرائيلية بيهوديتهم، مقابل إجماع على كل ما يضرّ بحقوق الفلسطينيين، ويحدد تعريف إسرائيل كدولة يهودية، مع كل ما يترتب على ذلك من منح أولوية وتمييز ضد العرب في الداخل.
ووفقاً لما ذكره موقع "يديعوت أحرونوت"، فإن التعديلات الأخيرة على القانون الذي يسعى نتنياهو لإقراره الأسبوع المقبل بالقراءتين الثانية والثالثة، تنصّ مثلاً على تكريس اللغة العبرية باعتبارها اللغة الرسمية الوحيدة في إسرائيل، وخفض مكانة اللغة العربية، وعدم الالتزام باستخدامها في الدوائر الرسمية، أو حتى على لافتات الطرق والشوارع، وحذف عبارة "مكانة خاصة للغة العربية" من مشروع القانون، والاستعاضة عن ذلك بتحديد مكانة اللغة العربية في قانون آخر غير هذا القانون.
ويأتي الإهتمام الصهوني الجديد بهذا القانون وفي هذا الوقت بالذات ليؤكد على استمرار مخططات التهويد ومصادرة كل ما يتعلق بهوية فلسطين حيث يكرس من جديد كل المحاولات السابقة والجديدة لإنهاء القضية الفلسطينية والإنقضاض على ما تبقى من الهوية العربية لفلسطين حيث يعني إقرار هذا القانون تكريس اليهودية ويرسخ الرموز الصهيونية في الدولة، ويهدف لإلغاء الهوية العربية والحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني.
كما أن هذا القانون من شأنه أن يؤسس لفوقية قومية اليهود بالقاعدة الدستورية للتشريعات في إسرائيل، مع تهميش متعمد ومقصود لكل الأنظمة والقوانين المعتمدة فلسطينيًا لفلسطينيي 48 وحرمانهم من أي امتيازات تشريعية.
إن هذا القانون يمثل خطرًا وجوديًا على فلسطينيي 48 الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية، ويتنكر لحقهم في المواطنة ويجردهم من كافة الحقوق ويحولهم إلى مجرد سكان دون دولة.
إقرأ أيضًا: المعارضة الشيعية وضرورة نبذ الخلافات
ومن المهم الإشارة إلى أن هذا القانون يتناقض بوضوح مع المبادئ القائمة في صلب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 1947 بشأن تقسيم فلسطين الانتدابية إلى دولتين، فهو القرار الذي دعا كل دولة من الدولتين إلى تبنّي "دستور ديمقراطي"، يضمن عدم "التمييز بين السكان بأي شكل من الأشكال، بسبب الأصل أو الدين أو اللغة أو الجنس"، وكذلك يضمن "لجميع الأشخاص الخاضعين لولاية الدولة الحق في الحماية القانونية المتساوية". وعمليًا، فإنَّ المبادئ الأساسية القائمة في صلب مشروع القانون الأساس تتناقض بصورة جلية مع جميع مبادئ قرار التقسيم للأمم المتحدة، وهو القرار الذي لطالما تغنّت به إسرائيل بوصفه قاعدة تاريخية للاعتراف بها وهو ينتهك مبادئ أساسية في القانون الدولي، وخاصة الحق في الحماية المتساوية أمام القانون، والحظر الصريح على التمييز على خلفية الانتماء القومي أو الدين أو اللغة أو الثقافة، وهي مبادئ أساسية تم توثيقها في المعاهدات الدولية التي وقعت عليها إسرائيل، بما في ذلك الإعلان الدولي لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، والمعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، والاتّفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989 (وقد وقّعت دولة إسرائيل على ثلاثتها في العام 1991). وعليه، يشكّل التمييز الكامن في مشروع القانون المقترح انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وهو القانون الذي تزعم إسرائيل التزامها به دوليا.
وأمام خطورة هذا القانون وتداعياته على الفلسطينيين والقضية الفلسطينية وقضية القدس فمن المؤسف أن يمر على مسامع كثيرين من الحكام والزعماء العرب والشعوب العربية مرور الكرام وكأن هذه القضية ما عادت تعني العرب والمسلمين في شيء وكأن الإرادة الصهيونية أصبحت قدرًا لا يمكن الوقوف أمامه.