دخلت البطريركية المارونية على خط الأزمة بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» في وقت نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تلويحه بالدعوة إلى جلسة برلمانية عامة لمناقشة أسباب تأخير الحكومة.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن البطريرك بشارة الراعي طلب الاجتماع يوم الخميس المقبل مع وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي، ممثلاً عن «القوات» والنائب في «التيار» إبراهيم كنعان، اللذين توليا مهمة التواصل والتنسيق بين الحزبين، وكانا عرّابي «اتفاق معراب»، في محاولة لرأب الصدع وإرساء التهدئة المسيحية - المسيحية في موازاة بدء الحديث عن التحضير لورقة سياسية ضمن خريطة طريق جديدة تمهّد للقاء بين رئيسي الحزبين وزير الخارجية جبران باسيل وسمير جعجع.
وفيما تتجه الأنظار إلى ما سينتج عن اتصالات الساعات الماضية والأيام المقبلة، عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن قلقه من تأخير تشكيل الحكومة، بحسب ما نقل عنه نواب بعلبك - الهرمل، بينما اكتفى الحريري، في أول تصريح له بعد عودته من الخارج، بالقول: «متفائلٌ دائماً ولكن لا تعليق». وقد لفتت مصادر وزارية في «التيار» إلى أنه من المتوقع أن يزور الحريري، عون، قريباً للبحث في آخر المستجدات، والعمل على تحريك المشاورات المتوقفة منذ انفجار أزمة الحليفين المسيحيين.
وبعد لقائه بري، قال الوزير في «حزب الله»، حسين الحاج حسن، باسم تكتل نواب «بعلبك - الهرمل»، نحن كحركة «أمل» و«حزب الله»، أكثر فريق سهل ويسهل تشكيل الحكومة وأقل فريق لديه مطالب، لذلك عبَّر الرئيس بري عن قلقه من تأخر التشكيل، وانعكاس ذلك على قضايا عديدة، منها الوضع الاقتصادي والمعيشي. ونقل عن بري نيته الدعوة إلى جلسة لانتخاب اللجان، وربما إلى جلسة عامة لمناقشة أسباب تأخير الحكومة في التوقيت الذي يراه مناسباً. وبانتظار ما ستؤول إليه جهود التهدئة المسيحية التي دخل على خطّها أيضاً الرئيس المكلف، قال مصدر مطلع على الوساطات الجارية إن أي تقدم على خط التأليف لن يتحقّق ما لم يتم وضع حد للمواجهة بين «القوات» و«التيار»، وهو ما بات يسعى إليه الجميع، إضافة طبعاً إلى تذليل «العقدة الدرزية» التي لا تزال على حالها. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات» لا تزال متمسكة بما ترى أنه «حقها ووزنها الذي عكسته الانتخابات النيابية، وهو ما يؤيدها به الرئيس المكلف».
في المقابل قالت مصادر «التيار» الوزارية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس عون حريص على المصالحة المسيحية، ويشدد على أنها الأساس وتنفصل عن أي اتفاق سياسي قد يتعرض للاهتزاز»، موضحة أن «المصالحة كانت ترجمة للنوايا بين الطرفين، بينما (اتفاق معراب) كان اتفاقاً سياسياً، وبالتالي الأهم بالنسبة إليه هو المحافظة على المصالحة لأن أي خلاف سياسي قابل للحل». وأضافت: «أما وقد وصلت الأمور إلى هذا الحد يجب أن يتركز العمل اليوم على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه وإرساء التهدئة لتأمين مناخ سياسي هادئ لتشكيل الحكومة».
ورغم شبه قناعة الجميع بأن «اتفاق معراب» بات ساقطاً، عبّر النائب في «القوات» جورج عقيص عن تفاؤله بإمكانية ترميمه. وقال في حديث إذاعي «ما تعرض له (اتفاق معراب) أخيراً قابل للترميم والمؤشرات الإيجابية يجب أن تأتي من كل القوى السياسية».
واعتبر أن «الكل بات يستشعر الخطر المتمادي من عدم تأليف الحكومة»، معولاً على الدور الذي سيلعبه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في هذا الإطار، كما الرؤساء الثلاثة، في سبيل إزالة كل العراقيل التي تحول دون تشكيل الحكومة، وأمل «أن يكون هذا الأسبوع حاسماً على خط الحكومة، وأن تسود الإيجابية الاتصالات التي ستجرى بين القوى السياسية».
ولفت عقيص إلى أن «الرئيس المكلف سعد الحريري سيقوم بجولة مشاورات ليعدل التشكيلة الأولى التي لم تبصر النور»، وتلمس «المرونة في ظل المستجدات إزاء التشكيلة التي سيحملها إلى رئيس الجمهورية على أمل أن يتم زف الخبر السار إلى اللبنانيين قريباً».