لم يعد تفاهم معراب يقوى على تحمُّل رياح المحاصصة الهوجاء التي ضربته من كل حدبٍ وصوب، حتى سقطت آخر أوراقه مع تصعيد الساعات الأخيرة.
كل ما في الأجواء المشحونة بين "الأخوين" (التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية) يوحي أن التفاهم المسيحي ـ المسيحي الذي أبصر النور في 18 كانون الثاني 2016، هرم قبل أن يكمل أعوامه الثلاثة، فعرّت الحقائب الحكومية النوايا المارونية وأظهرت شجعاً من الصعب تجاوزه.
وبعد أشهر من الصراع غير الأخوي أعلن الطرفان فكّ قرانهما الذي لم يكن زواجاً مارونياً بل متعة أثمر في عزّ شبابه إنهاء لحالة الفراغ الرئاسي وعطّل في شيخوخته المبكرة تشكيل حكومةٍ يُجمع المتابعون أنها لن تبصر النور قبل حلّ العقدة المسيحية ما بين (الأعدقاء).
لكن ماذا بعد انكسار الجرة بين القوات والتيار؟ يرفض نائب القوات العميد وهبي قاطيشا الحكم على التفاهم بالسقوط، ويؤكد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن "التفاهم لم يسقط ولكن يحاول رئيس التيار إسقاطه لناحية التبرؤ من الالتزام بأحد البنود التي كانت جزءاً لا يتجزأ من التفاهم المتفق عليه الطرفين".
ويشدد قاطيشا على أن القوات متمسكة بالتفاهم الاستراتيجي ولن تتخلى عنه. وبغض النظر عن قصة توزيع الحصص في الدولة، هناك ما هو أساسي في التفاهم وهو المصالحة التاريخية بين الحزبين ولن تعود للوراء".
وعن الحلول لتذليل عقبة التمثيل المسيحي وبالتالي تشكيل الحكومة، يقول مستشار رئيس الحزب إن "الحل بالعودة إلى تطبيق التفاهم من قبل التيار الوطني الحر، وإذا لم يقبل رئيس التيار بذلك، يكون الحل البديل بتدخل فخامة الرئيس ميشال عون ويتولى القصة بالتفاوض معنا بدلاً عن الوكيل الذي أخذ التيار إلى مكان آخر، وهو وريث يفشّل العهد ويمنع قيام حكومة جامعة لكل اللبنانيين".
ويرحّب العميد بدخول بكركي على خط التفاوض المسيحي المسيحي لحل عقدة تمثيل القوات والتيار في الحكومة، ويرى الأمور بعين المنطق ويمشي لجانب الحق، ويقول "نحن تحت عباءة غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وسترى بكركي الاتفاق ومن يخل به، وبالتأكيد سيكون تدخلها لإلزام المتفاهمين بتنفيذ الاتفاق المبرم".
على الجهة الأخرى، يميّز النائب العوني حكمت ديب بين المصالحة والتفاهم أو الاتفاق السياسي "الذي نتساءل كل ساعة وكل دقيقة بماذا أخلَّ ببنوده"، ويجزم أن المصالحة "باقية باقية باقية... ونؤيد دعمها وتمكينها وهذا الأمر غير قابل أبدا للمساءلة. أما مخالفة بنود الاتفاق واضحة من قبل حزب القوات اللبنانية من بداية تأليف الحكومة الحالية، وصولاً لاستقالة الحريري في تشرين الثاني 2017، وخوضهم الانتخابات منفردين".
وعن الحلول، يقول ديب "الأمر بيد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالتعاون مع رئيس الجمهورية، والحل يكمن في احترام نتائج الانتخابات النيابية والأحجام التي نتجت عنها مع اتباع معيار موحّد للجميع في ما يخص التمثيل في الحكومة".
أما البند الذي يشهره حزب القوات كسلاح بوجه التيار وينص على تقاسم المقاعد المسيحية ما بين القوات والتيار بالتساوي طوال فترة بقاء الرئيس عون في الحكم، يلفت ديب إلى أنه "يبقى مطلباً، يحق لهم أن يودعوه لدى الرئيس المكلّف، وللأخير القرار بالتنسيق مع الرئيس".