وبعدما اشتد التجاذب حول الحصة الدرزية في الحكومة المقبلة، وسط تمسّك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأن تؤول اليه كاملة، كسر ارسلان صمته، شارحاً لـ«الجمهورية» وجهة نظره حيال هذه المسألة ودوافع إصراره على نيل مقعد وزاري، فماذا قال؟
يؤكد ارسلان أنّ توزيره في الحكومة يجب أن يكون «تحصيلاً حاصلاً، وغيرَ قابل للنقاش»، مضيفاً: «تمثيلي ليس منّة من أحد، وأنا حالة موجودة في الطائفة الدرزية، شاء البعض أم أبى».
وينبّه ارسلان الى خطورة «احتكار جهة سياسية واحدة لأيِّ طائفة، لأنّ من شأن ذلك أن يترك آثاراً سلبية وخطيرة على مجمل البلد وعلى إدارة الدولة».
ويضيف: «من هنا، فإنّ حصر التمثيل الدرزي في الحكومة بوليد جنبلاط يعني أنّ ميثاقية الحكومة ستصبح معلّقة بحسابات جنبلاط ومزاجه الشخصي. وبهذا المعنى يصبح أيُّ غياب لوزرائه كفيلاً بإسقاط ميثاقية اجتماع الحكومة ويصير اعتراضهم على أيِّ بند كفيلاً بتعطيله، فهل هذا هو المطلوب؟».
ويعتبر ارسلان أنّ مطالبة جنبلاط بالحصول على ثلاثة وزراء دروز هي «ولدنة»، وإذا تمّت الاستجابة له، «ستكون التداعيات عامة وليست درزية فقط»، مشدّداً على «أنّ الامر لا يتعلّق حصراً بالتوازن الشخصي بيني وبين جنبلاط، وإنما له أبعاد وطنية». ويقول: «لم يحصل أن كان الدروز من لون واحد في كل الحكومات السياسية التي تشكّلت منذ «إتفاق الطائف» وحتى الآن، فما الذي تغيّر حتى يُراد إسقاط هذه المعادلة؟ ثمّ إنني عُيّنت وزيراً تسعَ مرات تقريباً وفي كل مرة كنت النائب الوحيد خارج كتلة جنبلاط وليس معي أحد، فلماذا يحاولون الآن استبعادي، على رغم أنني لم أعد وحدي وصرت أتراس كتلة؟ يا للغرابة!».
ويكشف ارسلان عن انه أبلغ الى الوزير جبران باسيل استعداده للقبول بأن يستحوذ جنبلاط على المقاعد الدرزية الثلاثة تحت شعار تمثيل الاقوى في طائفته، انما شرط أن يتم تعميم معيار «الأقوى» في معرض تحديد الأحجام الوزارية لكل المكوّنات الاخرى، بحيث يُحصر التمثيل المسيحي في الحكومة بـ«التيار الوطني الحر»، والتمثيل الشيعي بثنائي حركة «امل»- «حزب الله»، والتمثيل السنّي بسعد الحريري، والتمثيل الأرمني بحزب «الطاشناق».
ويشير ارسلان الى أنّ هناك معادلة أخرى يمكن اعتمادها ايضاً إذا أصرّ جنبلاط على أنّ مِن حق «اللقاء الديموقراطي» المكوّن من تسعة نواب أن ينال ثلاثة وزراء، مضيفاً: «استنادا الى أداة القياس نفسها، ينبغي أن يحصل تكتل «لبنان القوي» المؤلف من 29 نائباً على 10 وزراء، بمعزل عن حصة رئيس الجمهورية، وهذا يعني أنّ فريق الرئيس و«التيار الحر» سينال الثلث الضامن، فهل إنّ جنبلاط مستعدٌ للموافقة على توحيد المعيار بهذه الطريقة، بعيداً من الاستنسابية في تفصيل القياسات؟».
ويلفت ارسلان الى «أنّ جنبلاط يواجهني بعضلات غيره لا بعضلاته»، قائلاً: «إثنان من نوابه الدروز، على الاقل، هما هدية له من حلفائنا المفترضين، وتحديداً في حاصبيا وبيروت حيث ساهمت اصوات الثنائي الشيعي بنحو حاسم في فوز النائبين انور الخليل وفيصل الصايغ، ولو أنّ المشهد كان مقلوباً وتحوّلت اصوات الحلفاء إليّ، لاختلفت النتائج ولأصبحت كتلتي تضمّ ثلاثة نواب دروز، كما كنا سنفوز على الارجح بمقعدٍ سنّي في الشوف ايضاً».
ويرى ارسلان «أنّ مشكلة جنبلاط الجوهرية تكمن في عدم قبوله مبدأ الشراكة الحقيقية في الطائفة الدرزية»، لافتاً الى أنه يقبل بها في الشكل لكنه يرفضها في المضمون، «وهو لم يتقبّل انخفاض عدد نواب «اللقاء الديموقراطي» في مقابل زيادة حجم منافسيه بعد اعتماد النسبية». ويشدّد ارسلان على أنّ كتلته الحالية التي تضمّ اربعة نواب ( درزي وثلاثة مسيحيين) هي «واقعية وغير مفتعلة كما يحاول البعض الإيحاء»، مشيراً الى انه تشاور في هذا الامر مع باسيل قبل الانتخابات وليس بعدها، «وقد اتّفقنا في حينه على أنّ الفائزين من المرشحين على لائحتنا في الشوف وعاليه سيكونون في كتلة نيابية برئاستي، وهكذا كان».
ويضيف: «بمعزل عن كل شيء، يكفي أنّ نسبة ما أمثله من الدروز عموماً خارج نطاق وليد جنبلاط هي أكبر ممّا تمثله على سبيل المثال الجهاتُ السنّية خارج تيار «المستقبل» والجهاتُ المارونية خارج «التيار» و«القوات» والجهاتُ الشيعية خارج «حزب الله»، فلماذا يُبحث في طريقة تمثيل هذه الاطراف في الحكومة بينما يوضع «فيتو» عليّ، كأنّ الساحة مستباحة عند الدروز». ويختم: «لسنا في صدد استعطاء أحد، بل نريد أن نحمي حقنا ونأخذ ما نستحقّ بمقدار حجمنا، لا أكثر ولا أقل».