عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على البرلمان الملتئم بمجلسَيه في قصر فرساي مشاريعه الإصلاحية للسنة المقبلة، في وقت تشير استطلاعاتُ الرأي إلى تراجع في شعبيّته.
وقال ماكرون لدى بدء خطابه الثاني في فرساي منذ تولّيه ولايته الرئاسية إنّ "مشاعر الخوف والغضب لم تختفِ في عام".
ورغم الانتقادات التي شبّهت سلوك الرئيس بـ"نظام ملكي" في قصر الملك لويس الـ14 واعلان بعض نواب اليسار واليمين مقاطعة اللقاء، قرّر ماكرون تنظيماً سنوياً لهذا الاجتماع المستوحى من "خطابات الرؤساء الأميركيين حول حال الإتّحاد".
وفي هذه الأجواء من تراجع شعبيّته وانتقادات خصومه لغطرسته المفترضة، قال ماكرون إنه "متواضع لكنه مصمِّم"، مؤكّداً: "أعلم أني لا أنجح في كل شيء".
واضاف أنّ الحكومة ستقدّم "في الاسابيع المقبلة القرارات الجديدة التي ستسمح بالالتزام بتعهّد خفض نفقاتنا العامة" ووعد بـ"خيارات قوية وشجاعة".
وسيرسم خطابه الذي سيستمرّ ساعة "الخطوط العريضة" للاشهر المقبلة لمواصلة "تحوّل البلاد" من إصلاح الإعلام البصري السمعي الى رواتب التقاعد بحسب المعلومات الشحيحة التي كشفتها أوساطه.
ومنذ انتخابه في ربيع 2017 ضاعف اصغر رئيس فرنسي سنّاً الإصلاحات: تليين القيود في سوق العمل وتخفيف الضرائب المفروضة على الشركات ودافعي الضرائب الاثرياء وإصلاح النظام التربوي والسكن الشركة الوطنية للسكك الحديد رغم معارضة نقابة العاملين فيها الشديدة.
وهذه التدابير الاقتصادية أولاً جعلته يلقّب بـ"رئيس الأغنياء" في صفوف معارضيه اضافة الى انتقاده للمساعدات الاجتماعية التي "تكلّف كثيراً"، في حين أنّ الرئيس وزوجته أوصيا لشراء مستلزمات مائدة فخمة بقيمة 500 مليون يورو.
وفقط ثلث الفرنسيين يعتبرون سياسته "عادلة" (29%) أو "فعالة" (34%) بحسب استطلاع نشر الخميس. وأنّ رأي ثلاثة أرباع المستجوبين أنّ ماكرون ديناميكي (75%) تعتبر النسبة نفسها انه "يحكم بصورة انفرادية وشخصية" (74%).
الجمهورية والإسلام
من جهة أخرى، أعلن ماكرون أمام البرلمانيين المجتمعين في فرساي انه "لا يوجد أيُّ سبب على الاطلاق لكي تكون العلاقة بين الجمهورية والاسلام صعبة"، مؤكداً أنه "اعتباراً من الخريف سيتمّ وضعُ إطار وقواعد" لتسيير شؤون المسلمين في فرنسا.
وقال الرئيس الفرنسي: "اعتباراً من الخريف سنوضح هذا الوضع عبر منح الإسلام إطاراً وقواعد ستضمن بأن يمارس في كل انحاء البلاد طبقاً لقوانين الجمهورية. سنقوم بذلك مع الفرنسيين المسلمين ومع ممثليهم".
واضاف وسط تصفيق البرلمانيين: "النظام العام، والحسّ العادي بالكياسة، واستقلالية الاذهان والافراد حيال الدين ليست كلمات فارغة في فرنسا، وهذا يستلزم اطاراً متجدّداً وتناغماً مجدّداً".
وبعدما اعتبر انه "لا يوجد أيّ سبب على الاطلاق لكي تكون العلاقة بين الجمهورية والإسلام صعبة"، حرص على الايضاح انّ ثمة "قراءة متشدّدة وعدائية للإسلام ترمي الى التشكيك بقوانيننا كدولة حرة ومجتمع حر لا تخضع مبادئهما لتعليمات ذات طابع ديني".
وايمانويل ماكرون ثالث رئيس فرنسي يتحدث امام البرلمانيين في فرساي لكنه الوحيد الذي كرّر ذلك.
وكان فرنسوا هولاند ألقى خطاباً في فرساي بعد ثلاثة ايام على اعتداءات 13 تشرين الثاني 2015 في باريس بعد نيكولا ساركوزي في حزيران 2009.
وأعلن نواب حزب "فرنسا المتمردة" من اليسار المتشدّد أنهم سيقاطعون المؤتمر وانتقدوا تنظيمَه وتكاليفه التي تقدَّر بـ290 الف يورو.