أيامٌ ويودع الاستحقاق الكروي عشاقه، ليضرب معهم موعداً من الانتظار المشوق لأربع سنواتٍ مقبلة. وكما في البلد المضيف لمباريات كأس العالم، حيث يخلّف الأخير منفعة اقتصادية بأرقام خيالية للأرض التي تحتضنه، يحرّك المونديال أيضاً في كل الدول المشجعة العجلة الاقتصادية، وإن بدورانٍ خفيف الوطأة.
"لو كل سنة في مونديال"، هذه هي حال لسان إدارات المطاعم والمقاهي في لبنان عموماً، وبيروت وضواحيها خصوصاً، الصغيرة منها والكبيرة، البسيطة منها والشعبية على حدٍ سواء.
كلفة الشاشات العملاقة والديكورات الخاصة جمعتها المقاهي في المباريات الأولى، يقول صاحب أحد المقاهي في بيروت: "طلّعنا كلفة الديكورات بمباراة الافتتاح". ويضيف "زادت نسبة الإقبال على الكافيه 80 في المئة، مع الأخذ بعين الاعتبار الفرق المتنافسة في كل مباراة، إذ إن الحضور يقل ويزيد نسبةً للفريقين المتنافسَين في المباراة، أما الأرباح ارتفعت أقلّها 40% عمّا قبل".
كما حرص أصحاب المقاهي على ترتيب عمليات الحجز المسبق على طريقة "المينيموم شارج" لتفادي الزحمة والإحراج مع الزبائن. وكذلك هي حال محال الألعاب والهدايا التي استبدلت زينة واجهاتها بأعلام أهم الفرق المشاركة في المونديال. وركزت على إبراز كل ما يتعلق بسياسة "التزريك" من "كاسكيت وأساور، ونظارات وأكواب، وغيرها من الأكسسوارات والاختراعات التي لا تنتهي، والتي صُممت بشعارات وألوان من وحي الاستحقاق، وبالطبع لها أسعارها الخاصة والمرتفعة نسبياً عن مثيلاتها التقليدية.
ويقول صاحب أحد المحال التجارية: "لا يبخل الأب على طفله بشراء ما يفي من الاختراعات التي تواكب المنافسة والتزريك مهما كان سعرها مرتفعاً، بما أنها مناسبة كل أربع سنوات مرّة". ويعلّق صاحب المحلّ أيضاً: "البيع تحرّك بنسبة 30 % تقريباً".
إلى ذلك، يساهم المونديال في تحريك السياحة الداخلية من خلال الحضور الجماعي للمباريات في المقاهي، ويقوم بتحريك الاقتصاد اللبناني ولكن بشكل محدود، كما يؤكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لأن اللبناني يُنفق بحذر كبير بسبب الوضع المعيشي التعيس والضاغط خصوصاً على أصحاب الدخل المحدود، إذ يضخ المونديال في الاقتصاد اللبناني في مختلف القطاعات المستفيدة ما لا يزيد عن 10 مليون دولار.
قطاعات عدة تستفيد من الحركة الرياضية الموسمية المتمثلة بمباريات كأس العالم، وهي كما يعددها عجاقة "المقاهي بالدرجة الاولى، وقطاع الاعلام ومستلزمات التشجيع وهو القطاع الذي أثرت على إفادته بسبب قرار محافظ بيروت بمنع رفع أعلام الدول المتنافسة في العاصمة. وقطاع الفاليه باركينغ ينتعش أيضاً مع زيادة عدد زوار المقاهي والمطاعم، وقطاع الدش والانترنت لا سيما أن اتفاقية نقل مباريات كأس العالم على تلفزيون لبنان لم تشمل المقاهي والمطاعم، والقطاع النفطي إذ زاد استهلاك المحروقات نتيجة زيادة التنقل ومسيرات الاحتفال بعد كل مباراة".