مباراة واحدة بمواهب كثيرة هي عنوان لقاء اليوم على ملعب قازان أرينا. أبرز مواعيد الدور ربع النهائي للمونديال الروسي، يجمع بين «جيل ذهبي» بلجيكي يضمّ مفاتيح لعب مثل كيفن دي بروين وإدين هازار وروميليو لوكاكو، في مواجهة نجوم برازيليين يتقدّمهم نيمار وفيليبي كوتينيو وويليان.
وقال مارتينيز لصحف بلجيكية بعد التأهّل إلى ربع النهائي بفوز في الوقت القاتل على اليابان 3-2، «إنّ لقاء البرازيل هو مباراة حلم بالنسبة إلى لاعبينا».
وأضاف: «لن يكون ثمّة العديد من الأسرار في المباراة. علينا أن ندافع كما يجب ومن ثمّ معاقبتهم عندما تكون الكرة بحوزتنا... الأمر بهذه البساطة، وهذا الفريق جاهز لذلك».
هذا الفريق الذي يبلغ الدور ربع النهائي للمرّة الثالثة في تاريخه والثانية توالياً، يسعى إلى تعويض خروجه في النسخة الأخيرة من ربع النهائي على يد الأرجنتين (0-1)، والذهاب نحو التفوّق على أفضل نتيجة له في المونديال، وهي الحلول رابعاً في مونديال 1986.
على الورق، تكفّل المواهب الموجودة في المنتخب البلجيكي له القدرة على التغلب على أيّ منتخب في كأس العالم. تصدّر مجموعته السابعة بالعلامة الكاملة بعد ثلاث انتصارات على بنما (3-0) وتونس (5-2) وإنكلترا (1-0) في مباراة خاضها المنتخبان بتشكيلة رديفة إلى حدٍّ كبير.
إلّا أنّ مرحلة ما بعد ثمن النهائي ستكون أصعب من الفوز الشاق على اليابان، والذي تحقق بعد تقدّم المنتخب الآسيوي بهدفين نظيفين. واحتاجت بلجيكا إلى ثلاثية متتالية من الأهداف، سجّل اثنين منها البديلان مروان فلايني وناصر الشاذلي (الأخير في الثواني الأخيرة للوقت بدل الضائع).
وفي حال عبر البلجيكيون المحطة البرازيلية، سيكونون في نصف النهائي أمام مواجهة أخرى صعبة، بين أحد منتخبين هما فرنسا والأوروغواي.
وأصبحت بلجيكا أوّلَ منتخب منذ 1970، يقلب تخلّفه بفارق هدفين في الأدوار الإقصائية إلى فوز. وبلغت صاحبة المركز الثالث في تصنيف الاتّحاد الدولي للعبة (فيفا)، ربع النهائي في البرازيل 2014، إلّا أنّ المرّة الأخيرة التي تخطّت فيها هذا الدور تعود إلى المكسيك 1986 عندما قادها «الأمير الصغير» فرانك فيركوتيرن إلى نصف النهائي قبل أن ينهي الأسطورة الأرجنتينية مشوارَها بهدفين في طريقه إلى اللقب.
نيمار، دفاع وهجوم...
إلّا أنّ العديد من المراقبين لا يزالون يعتقدون أنّ المنتخب البلجيكي لم يقدّم بعد المستوى الذي يمكن لتشكيلته أن توفّره. مساره في الدور الأوّل كان سهلاً نسبياً نظراً لوجود منتخبين لم يرشّحهما أحد لخلق مفاجأة (بنما وتونس)، ومنتخب إنكليزي خاض المباراة الأخيرة - مثله مثل بلجيكا - بتشكيلة رديفة بعدما كان الاثنان قد ضمنا التأهّل إلى الدور ثمن النهائي.
في المقابل، تصدّر البرازيليون المجموعة الخامسة بتعادل مع سويسرا (1-1) وفوز على كوستاريكا وعلى صربيا بالنتيجة نفسها (2-0). وتكرّرت النتيجة على حساب المكسيك أيضاً في ثمن النهائي (2-0).
البرازيل تتحسّن. حتى نيمار الذي يلاقي انتقادات متواصلة على خلفية سقوطه المتكرّر على أرض الملعب وتصنع الإصابة، يحسّن مستواه مباراة بعد أخرى، ويبدو أنه وضع خلفه بشكل كامل آثار الإصابة التي أبعدته لثلاثة أشهر قبل المونديال. في ثمن النهائي، سجّل هدفه الثاني في روسيا، وصنع الهدف الثاني لروبرتو فيرمينو.
في المباراة المقبلة، يُتوقع أن تكون البرازيل أفضل. وقال مدافعها تياغو سيلفا بعد ثمن النهائي: «نحن نتحسّن، وهذا واضح. كانت مباراة معقّدة ضدّ فريق خطِر، لكننا كنا صلبين في الدفاع».
ولم يغب السيليساو، بطل العالم خمس مرّات، عن ربع النهائي منذ عام 1994. في 2002، أحرز لقبه الأخير بعد مسار شمل التخلّص من المنتخب البلجيكي في الدور ثمن النهائي بهدفين لريفالدو ورونالدو.
تشكيلة المدرّب تيتي توفّر مزيجاً نادراً بالنسبة إلى البرازيل في مختلف الخطوط: حارس مرمى جيّد هو أليسون، خط دفاع صلب يقوده تياغو سيلفا وميراندا، خط وسط متحكّم بقيادة كاسيميو (الغائب اليوم بسبب الإيقاف) وباولينيو، وخط مقدّمة يضمّ نيمار وكوتينيو وويليان.
مباراة اليوم ستكون مرتقبة ليس فقط بسبب المواهب التي تزخر بها كل تشكيلة، بل أيضاً لأنّ المنتخبين قدّما أسلوبَ لعب مختلفاً في المباريات الخمس التي خاضاها حتى الآن: بلجيكا تتمتع بأفضل هجوم في المونديال حتى الآن مع 12 هدفاً (أربعة منها لرومليو لوكاكو) ومرماها تلقّى أربعة أهداف. البرازيل، وباستثناء الهدف في المباراة الأولى ضد سويسرا (في الدقيقة 50)، حافظت على نظافة شباكها طوال 310 دقائق.
فرنسا- الأوروغواي
من جهة أخرى، سيكون دفاع منتخب الأوروغواي في لقائه اليوم أمام فرنسا في الدور ربع النهائي أمام اختبار صعب ومهمّة الحدّ من خطورة وسرعة المهاجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي.
وبينما يُتوقع أن تخوض الأوروغواي المباراة في غياب مهاجمها البارز إدينسون كافاني الذي تعرّض لإصابة في ربلة الساق اليسرى بعد تسجيله هدفي الفوز على البرتغال (2-1) في ثمن النهائي السبت، سيعوّل المنتخب الأميركي الجنوبي على دفاعه الحديدي بقدر قوّته الهجومية التي سيكون لويس سواريز حامل همّها الأساسي في غياب كافاني.
ورأى سواريز أنّ كافاني «مهمّ جداً نظراً للمستوى الذي يتمتع به كلاعب، ونظراً إلى كل ما يقدّمه في كل مرّة يلعب مع المنتخب. ما يقوم به بشكل عام، المجهود الجسدي، كل الناس يرون ما يقدّمه...»، مشيراً إلى صعوبة «التعرّض للإصابة قبل أيام قليلة (من المباراة ضد فرنسا). سيكون الأمر صعباً من ناحية التعافي.
وأردف: «أعلم بأنّ إدي (كافاني) يتمتع بالرغبة، السلوك، التفاني، القوّة. سيبذل قصارى جهده ليكون هناك (في المباراة) لكنّ الأمر لا يعتمد عليه فقط».
في المقابل، يعلّق منتخب «الديوك» آماله على مبابي (19 عاماً) الذي سجّل ثلاثة أهداف حتى الآن في المونديال الروسي، منها هدفان في مباراة الدور ثمن النهائي ضد الأرجنتين (4-3) حيث برز بشكل كبير لا سيّما من خلال سرعته الفائقة في اختراق الدفاع.
إلّا أنّ نجم نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، لم يسبق له على الأرجح اختبار دفاع بصلابة دفاع الأوروغواي وركيزتيه القائد دييغو غودين وزميله في أتلتيكو مدريد الإسباني خوسيه ماريا خيمينيز.
وتتركّز خطة الأوروغواي خلال المباراة اليوم في نيجني نوفغورود على إيقاف مبابي، بخط دفاع رباعي يقوده القائد غودين وخيمينيز، وإلى جانبهما مارتن كاسيريس ودييغو لاكسالت، وخلفهم الحارس فرناندو موسليرا.
ويتميّز هذا الرباعي بأنه من الأفضل دفاعياً في المونديال، إذ لم يتلقّ أيّ هدف في المباريات الثلاث للدور الأوّل، والوحيد الذي تمكّن من اختراقه كان البرتغالي بيبي في الدور ثمن النهائي خلال مباراة الفريقين التي انتهت بفوز المنتخب الأميركي الجنوبي (2-1).
وتتميّز الأوروغواي عن غريمتها فرنسا بكونها تلقّت 3 أهداف أقل في شباكها، بينما سجّل المنتخبان العدد ذاته (7 لكل منهما). وبين المنتخبين، تظهر الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها المدافعون مع 350 مباراة دولية.
عدم ترك مساحات
عين الأوروغواي، بطلة 1930 و1950، ستكون على مبابي الذي أصبح ضد الأرجنتين، أوّل لاعب شاب يسجّل هدفين على الأقل في مباراة إقصائية ضمن منافسات كأس العالم، منذ الأسطورة البرازيلية بيليه عام 1958.
وأشار مدرّب الأوروغواي تاباريز إلى هذه النقطة بقوله: «في حال تركت المساحات لفرنسا، ستكون المسألة صعبة جداً».
من جهته، أعرب سواريز عن ثقته في قدرة دفاع منتخب بلاده على إيقاف مبابي، وقال: «الجميع يعرف أنه لاعب جيّد جداً، لكنني أعتقد أننا نملك مدافعين جيّدين للحدّ من خطورته».
ورأى سواريز، الطامح لقيادة منتخب بلاده إلى لقبه العالمي الأوّل منذ 1950 والثالث في تاريخه، أنّ الخطر الفرنسي لا يقتصر على مبابي، بل يشمل أنطوان غريزمان صاحب «القدم اليسرى الرائعة».
في مقابل التركيز على مبابي، يأمل المنتخب الفرنسي بطل 1998 في أن يعوّل على لاعب «خبير» بقلبي دفاع الأوروغواي، هو غريزمان زميل غودين وخيمينيز في أتلتيكو مدريد.
وتأهّل منتخب «الديوك» من الدور الأوّل من دون تقديم أداء مقنع لا سيّما من قبل غريزمان الذي اكتفى حتى الآن بتسجيل هدفين من ركلتي جزاء. إلّا أنّ المنتخب قدّم أداءً مختلفاً أمام الأرجنتين ونجمها ليونيل ميسي في ثمن النهائي، لا سيّما بفضل مبابي الذي سجّل هدفين وحصل على ركلة جزاء أتى منها الهدف الأوّل الذي سجّله غريزمان.