مع بداية الأزمة في سورية ومن ثم الحرب المستمرة فيها انقسم اللبنانيون بين مؤيد للنظام ومعارض له وكانت الوسائل الاعلامية التابعة للجهات المنقسمة تغذي باستمرار مواقف التنديد أو التأييد بالنظام و المعارضة حتى أن فريقاً لبنانياً دخل الحرب مباشرة كمقاتل في جيش الأسد وقام فريق آخر في توفير الدعم اللازم للمعارضة وبطرق مباشرة جعلت منه واحداً من جماعة المعارضة السورية وبين هذا الفريق وذاك وقف اللبنانيون خلف الفريقين في تحد كبير لبعضهم البعض وبعد سنيين من الصراع على سورية خفّت حدة المواجهة اللبنانية لتراجع المؤيدين للمعارضة السورية عن تأييدهم لها بل إنهم وقفوا الى جانب النظام كتابعين له من حيث أدركوا نقاط ضعفهم في مواجهة حسمت لصالح مناصري النظام السوري في لبنان.
كانت الوسائط الاعلامية الحزبية للفريقين تستخدم اللغة التحريضية المطلوبة لصالح النظام أو المعارضة وباعتبار أن وسائل إعلام الممانعة مازالت تغني على الموال السوري فإن التعاطي سيكون مع وسائل إعلام السيادة التي بدّلت جلدها أكثر من مرة في الشأن السوري كما بدلته أكثر من مرّة في الشأن اللبناني ويبدو أن إعلام الحرباء يسيطر على الاعلام الذي غشّ اللبنانيين والسوريين طيلة الشباك بين 8 و 14 آذار وطيلة الحرب السورية بين النظام والمعارضة.
في تتبع لنشرات الأخبار لوسائل المستقبل وصوت الكتائب وتلفزيون القوّات تجد أن نشرة المنار في الموضوع السوري هي السائدة في الأوراق المعدة لنشراتهم الإخبارية تماماً كما هي نشرات الجديد وتلفزيون التيّار والميادين بمعنى أن هناك بيان معدّ من قبل تلفزيون المنار وتردده الوسائل الاعلامية الأخرى أو ان هناك استلحاق بالموضوع السوري يدفع بالوسائل غير الممانعة الى اتباع سياسات الإعلام الممانع أوان هناك هزيمة لإعلام السيادة لصالح الإعلام الممانع.
إقرأ أيضًا: الموارنة بين حسابات بعبدا وحسابات معراب
بغض النظر عن الأسباب المعلنة وغير المعلنة من قبل الفريق الذي وقف الى جانب المعارضة السورية واستقال من مهمته لا حباً بالمعارضة ولكن كرهاً بالنظام تبدو النتائج اللبنانية لصالح النظام فبعد أن ابتعد لبنان عن النظام السوري في مقاطعة كاملة التزاماً برؤية فريق سياسي كان قوياً وتأييداً للرؤية العربية من النظام السوري بدأت جولات التعاطي مع النظام السوري تسترد دور سورية في لبنان وأمست علاقات السر مع النظام على عينك يا تاجر وبدأ فريق الممانعة متجاوزاً لكل محظور ويفتح المجال بقوّة لعودة النظام الى لبنان رغم انه لم يخرج منها لأن حلفاء الأسد مسكوا السلطة من حيث يجب أن تمسك ولم يحسن أعداء الأسد من الإمساك في السلطة من حيث يجب لذا دخل الحليف السوري في كل الحكومات التي ترأسها تيّار المستقبل وكان له حصّة في المواقع الحسّاسة وبإمضاء خاص من قبل رؤساء الحكومات المعارضين للنظام السوري.
في العودة الى الإعلام الذي مال الى النظام بعد أن وقف الى جانب المعارضة السورية لا تخلو نشرة من استخدام المفردات والمصطلحات التي عممتها نشرة أخبار المنار على كل وسائل الاعلام ومنها على سبيل المثال لا الحصر تقدم الجيش العربي السوري في جبهات الحرب على الارهاب. فباتت الحرب في سورية هي بين الجيش وبين جماعات إرهابية متطرفة ولم تعد بين نظام مستبد يقتل بوحشية عالية لا مثيل لها وبين معارضة تستند الى شرعية القيام على دكتاتور ومستبد وباتت المناطق المحررة مناطق محتلة من قبل الارهابيين والجيش يعيدها الى حاضنة الوطن لقد محت المنار كل ما كان مستخدماً في قاموس حلفاء المعارضة السورية فلا وجود لمعارضة بل هناك وجوداً لإرهابيين ومتطرفين والأنكى من ذلك أن لاموقف مما تفعله روسيا في سورية فإعلام اللاممانع يتبنى سياسات روسية واضحة حتى أن صوت لبنان تفتح هواءها لسموم موسكو وكل معلومات هذه الوسائل مأخوذة من مصادر إعلام الممانعة من قبل الإعلام الحربي الذي ابتدعه الممانعون كي يعتمد مصدراً للمعلومات حول الحرب السورية وقد تم اعتماده من قبل هذه الوسائل الاعلامية التي باتت تروّج للنظام السوري أكثر مما تروج وسائل إعلام النظام نفسه.