تصادف اليوم الذكرى السنوية الثامنة على رحيل العلامة المرجع المجدد آية الله السيد محمد حسين فضل الله وبهذه المناسبة سيقام احتفال في قاعة الزهراء مسجد الحسنين تحت عنوان "وفاء لمسيرة الوعي ونهج التجديد الذي خط سماحة السيد معالمه في حركة الإنسان والحياة."
لعل الحديث عن سماحة السيد قدس الله سره في ذكرى غيابه أكثر ألما، ولعل الكلمات لن تكون بالمستوى المطلوب للحديث عن المرجع الذي نتذكره دائما القائد والأب والمربي والعالم والفقيه، فبقي خالدا كأن حضوره أزلي، وكأنه تخطى الموت فبقي أكثر من حياة عالما وفقيها ومربيا ومرجعا.
فضل الله الفقيه الذي سبق زمانه فأعاد الدين من فوضى الماضي والتاريخ ليجدد الفكر الديني بما يتلاءم مع العلم الحديث ومتطلبات العصر.
فضل الله الفقيه الجريء والشجاع الذي استطاع أن يكسر المحظور ويفك أسر الحديث والرواية والفتاوى فكان فقيه العلم والعصر والمستقبل، وأشرف بروحه وعقله ليكرس مبدأ انفتاح الدين على العلم وتطور العقل فكانت مدرسته رضوان الله عليه منارة لا حدّ لها وإرث لا يمكن تجاوزه أو المرور عليه لأي طالب علم ولأي باحث عن الحقيقة.
إقرأ أيضًا: المعارضة الشيعية وضرورة نبذ الخلافات
فضل الله رضوان الله عليه إلى جانب مدرسته الفقهية إستطاع أن يلامس بأبوّته أوجاع الناس فكان المرجع الأقرب إلى همومهم وحاجاتهم وتطلعاتهم فلم يغب سماحته عن هذا المجتمع والرعاية الحقيقية للفقير واليتيم فكانت المؤسسات التي أمر بإنشائها الإرث الطيب والعمل الصالح الذي يضاف إلى سجله المضيء في الدنيا والآخرة.
إلى ذلك فقد كان فضل الله رضوان عليه أحد أبرز المنظرين والمؤسسين للحوار بين الأديان والحوار الإسلامي الإسلامي والحوار الإسلامي والمسيحي فوضع رحمه الله أولى الدعامات التي أقيم عليها هذا الحوار لبنانيا وعربيا ودوليا فكرّس بحكمته وحرصه مبدأ الحوار والتواصل سبيلا وحيدا للتلاقي والمحبة وحل الخلافات، وكان من أوائل الدعاة إلى الحكمة بالموعظة الحسنة، وتجاوز سماحته بالأخلاق، أخلاق الأنبياء وصبر الأئمة كل إساءة وكان الحاسدون كثر، فكان يمدّ يده إلى كل مسيء وفي الوقت نفسه كان أكثر إصرار على التحدي، تحدي الممنوع وتحدي المحظور فاستطاع أن يثبت كل يوم في حياته أن الدين والعقل توأمان وأن الدين والعلم صنوان لا يمكن أن يفترقا .
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه نفتقده فقيها وعالما ومربيا نتذكره في كل صلاة وفي كل تلاوة وفي كل دعاء ما زال صوته ملهما مع كل أذان في مسجد الحسنين المكان الذي يضم الجسد الطاهر.
العزاء بالإرث الجميل، والسيرة الطيبة، والعزاء كل العزاء باستمرار النهج الذي تركه سماحته، وبالسيرة الطيبة لأولياء هذا النهج وعلى رأسهم سماحة العلامة السيد علي فضل الله الذي يحمل الأمانة اليوم بكل حرص ومحبة وإخلاص وتفان فتستمر المسيرة ويستمر السيد رحمه الله أكثر حضورا في ضمائر كل المحبين.