على غير عادته هو حزب الكتائب اللبنانية اليوم. فالمعارض الشرس الذي اعتاد اللبنانيون انقلابه على السلطة وانتقاده لزواريب الفساد وفضحها، يبدو وكأنه طفل في الصفوف الابتدائية وعده أستاذه بالحلوى إذا ما جلس هادئاً حتى نهاية الدوام. "التلميذ هو الكتائب، والاستاذ رئيس الجمهورية ميشال عون، والحلوى حقيبة وزارية." هكذا يوصّف سياسي عتيق حال الكتائب الهادئة وسط حفلات الجنون التي تقرع القوى المتنافسة طبولها في محادثات التشكيل.
أما الشارع، يكاد ينسى انتساب حزب الكتائب لصفوف المعارضة خلال الفترة الأخيرة، ودفاعه عن لقمة عيشه في صولات وجولات نيابية، وإن كان لم يمرّ على المشاهد البطولية للنائب "المشاكس" سامي الجميل ووقوفه كالشوكة في عين السلطة خلال تمرير الأخيرة صفقات مشبوهة عدة إلا أشهر قليلة.
"ما الذي أعاد للكتائب هدوءه، وهل هو مقرون بوعود حكومية، أم إنه هدوء فرضه غياب الحياة السياسية سواء في السلطتين التنفيذية أو التشريعية المعلقتين على خشبة التشكيل؟ وهل فعلاً كانت الصحوة الكتائبية مجرد شعارات واكبت الانتخابات النيابية؟ وهل ارتأت كتلة الكتائب بعدما خسرت مقعدين من أصل خمسة في المجلس النيابي أن المعارضة لم تفِ بالغرض الانتخابي وقررت العودة إلى أدراج السلطة؟"... يسأل مرجع مدني، ويضع هذه التساؤلات في رسم نواب الكتائب.
حمل "ليبانون ديبايت" عتب المجتمع المدني على الكتائب، علنا نصل لإجابات تشفي غليل شارعٍ علّق آمالاً كبيرة على الحزب العنيد، ويخاف أن يخسرها اليوم بسبب حقيبة.
يتفهم النائب الكتائبي الجديد الياس حنكش عتب الشارع، ولا يتردد بالإجابة عن تساؤلاته، ويؤكد لـ"ليبانون ديبايت" ألا نهج ولا أداء جديد من الكتائب اليوم فلا حكومة لمعارضتها أو التصفيق لها، والكتائب مستمر بسياسته الداعمة للشعب اللبناني والدفاع عن حقوقه. والدليل أننا "نتابع بعض الملفات المتعلقة بالشعب مثل الإسكان، في الوقت الذي تنشغل فيه القوى السياسية بتناتش الحصص الوزارية".
ويتابع حنكش لتوضيح الصورة للرأي العام "فرضت الانتخابات الأخيرة مشهداً جديداً من التوازن السياسي، وانطلاقا من احترامنا لإرادة الناس، ارتأينا أن نمنح في هذه المرحلة الجديدة فرصةً لرئيس الجمهورية ميشال عون بناءً على ما سمعناه منه في قصر بعبدا أثناء استشارات التكليف، بأنه غير راضٍ على الأداء في المرحلة السابقة وأننا في مرحلة جديدة وهناك حكومة جديدة تنطلق لتنعش البلد وتنهض به، وطالب بأكبر دعم والتفاف ممكن لإعطاء فرصة لهذه الحكومة".
وعن مرسوم التجنيس، يقول حنكش "ينتظر حزب الكتائب كيف سيتعاطى الرئيس مع التقرير الجديد للأمن العام، وعندها نبني على الشيء مقتضاه، ومطالبنا هي إزالة الأسماء غير المستحقة، ولم نذهب للطعن لأنه يمس بصلاحيات رئيس الجمهورية".
وعلى الاتهامات التي تقول إن الكتائب تهادن الرئيس من أجل حقيبة وزارية، يرد حنكش "لو أن الكتائب يريد المهادنة للحصول على وزارة من هنا ومقعد نيابي من هناك كان سار بالصفقة الرئاسية ووافق على العروض الكثيرة التي رافقت التسوية، ولما كنا استقلنا من 3 وزارات بسبب مشكلة نفايات المتن، وكنا مشينا بتحالفات غير طبيعية لكسب مقاعد نيابية إضافية".
ويضيف "عند زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أثناء الاستشارات النيابية لم نطالب إلا بسرعة التأليف لأن المركب يغرق بنا جميعا وما نفع الحقائب السيادية ومراكمة الوزارات إذا غرق البلد أمام كل هذه التحديات الضاغطة".
يطمئن حنكش الشارع اللبناني ويعده بأن الكتائب سيكون من أشرس المعارضين لأداء الحكومة إن كانت ستعود بالأداء القديم، بما يتماهى مع تاريخ حزب الكتائب ومساره النضالي.