لا يزال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يُغلّب الحكمة والنّوايا الطيبة ، مع ما يكفي من حنكة لازمة، في تعامله مع التيار الوطني الحر، منذ اليوم الذي قرّر فيه انتخاب الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وإصراره بعد ذلك على دعم "العهد" رغم اللكمات الجانبية التي سدّدها رئيس التيار الحالي جبران باسيل بوجه القوات اللبنانية.
ومع تعثُّر تأليف الحكومة هذه الأيام، وتصاعد صيحات الاستغاثة من من كلّ جانب لإنقاذ الوضع الاقتصادي السّيئ للبلاد، والذي قد يُطيح بالوضع السياسي في غمضة عين، ومعه الوضع الأمني في لمح البصر، بادر الدكتور جعجع بالأمس وقام بزيارة القصر الجمهوري ليختلي برئيس الجمهورية مدّة نصف ساعة.
إقرأ أيضًا: سالم زهران ومرسوم التجنيس .. خذوا أسرارهم من صغارهم
نصف ساعة قد تكفي لغسل القلوب بين الزعيمين، وقد تكفي لانتهاج خارطة طريق قد تُفضي إلى تأليف الحكومة، إلاّ أنّ النوايا الطيبة لدى الرّجُلين لا تفُكُّ مغيصاً بين الدكتور جعجع والوزير باسيل، ولا تكفي نصف ساعة، ولا ساعات، وربما أيامٌ لاستئصال الضغائن والتوتُّرات بين القوات والتيار، ناهيك بتأليف حكومة يُصرُّ الوزير باسيل على الاستئثار بمعظم مقاعدها، واستلام زمام أمورها، دون أن يُغفل "حُصّة" حلفائه من سائر الطوائف، ليكتشف قائد القوات (ربما مُتأخّراً) أنّ الطريق الأقصر للخلاص يقتضي الذهاب مباشرةً نحو الرابية، فقد بيّنت الأحداث الأخيرة أنّ الأمر عند أولي الأمر، أي عند الوزير باسيل، والنوايا الطيبة قد تنفع في الحياة الآخرة، عند من يلقى ربّهُ بقلبٍ سليم، وهي لا تُجدي نفعاً عند تأليف الحكومات حصراً، أو أثناء خوض الإنتخابات البرلمانية.
قال الشاعرُ الفرزدق:
أترجو ربيعٌ أن يجيئ صغارُها
بخيرٍ وقد أعيا ربيعاً كبارُها.