ملف جديد فتحه حزب الله على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، الذي أعلن دخول الحزب على خطّ اللاجئين السوريين وإعداد ملف متكامل عن توفير ظروف عودتهم. قال نصرالله: "نحن في حزب الله أمام مجموعة تعقيدات موجودة في معالجة هذا الملف وانطلاقاً من طبيعة علاقاتنا الجيدة والمتينة مع الدولة السورية، نريد أن نستفيد من هذه الحيثية لمد يد المساعدة". وكشف أن "حزب الله شكّل ملفاً لمساعدة النازحين. وكلفنا النائب نوار الساحلي وحددنا مراكز وأرقام تلفونات وشبكات تواصل ليتصل النازحون. وسيتم التواصل مع النازحين مباشرة وتحديد آلية لاستقبال طلبات النازحين. وسنشكّل لوائح ونعرضها على الجهات المعنية في الدولة السورية بالتعاون مع الأمن العام اللبناني، لإعادة أكبر عدد من السوريين"، معتبراً أن "التوقيت اليوم هو الأفضل في فصل الصيف وقبل بدء العام الدراسي".
الرسالة واضحة. حزب الله سيمسك بهذا الملف في الأيام المقبلة. وهو الذي سيتولى التنسيق مع النظام في سوريا بشأن هذا الملف، بالإضافة إلى تحديده سقفاً زمنياً لذلك، هو فصل الصيف. ولا شك أن دخول نصرالله بنفسه على خطّ الإعلان عن هذه الخطوة، وما سيمثّله من ثقل في العمل على هذا الملف، بعيداً من المزايدات والخلافات السياسية، خصوصاً أنه مهّد للحديث عن هذا الموضوع بقوله إن الفترة الماضية شهدت سجالات متعددة وخلافات بشأن كيفية التعاطي مع الملف. كأنه أراد الدخول من باب المصلح لحلّ تلك المشكلة، بطريقة مختلفة عن الطريقة التي أثارها وزير الخارجية جبران باسيل.
ورغم أن مهمة حزب الله ستكون منسّقة مع الأمن العام واللواء عباس إبراهيم، إلا أن بدء هذه المبادرة يرفع الجانب السياسي في الملف، أكثر من اعتباره ملفاً أمنياً أو لوجستياً. بالتالي، الانتقال بهذا الملف من مرحلة تنسيق بسيطة مع النظام إلى مرحلة أوسع، في ظل ما يحققه النظام السوري وحلفاؤه على الأرض. لذلك، يراد للعمل على ملف اللاجئين وإعادتهم أن يكون رافداً لاستعادة النظام بعض شرعيته، رغم أن النظام حتى اللحظة لم يفقه معنى هذه الخطوة وأهميتها. فلا يزال يعيش عند نقطة تحدّث عنها رئيسه بشار الأسد عن المجتمع المتجانس، وعدم رغبته في عودة هؤلاء، وحتى أن كل المصالحات التي حصلت كانت بناءً على ضغوط روسية أو إيرانية تتعلّق بأهداف استراتيجية كان النظام بعيداً كل البعد عنها. وهذا ما تجلّى في عملية انتقال أقل من 300 لاجئ في الأيام القليلة الماضية من عرسال إلى القلمون.
كان من المفترض أن يعود نحو 3000 لاجئ، لم يعد منهم سوى 274، بسبب رفض النظام عودة الآخرين. وهذا يمثّل فضيحة في سياسة النظام العملية، وضربة لكل ما أثاره وزير الخارجية جبران باسيل في خلافه مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. لذلك، يختار حزب الله الانتقال بهذا الملف من مرحلة تقنية وتفصيلية ومحطّة لمزايدات شعبية، إلى جعله ملفّاً استراتيجياً، يرتبط بعدد من الأهداف. أولها فتح أبواب تجديد العلاقات بين لبنان وسوريا، والانقضاض على الاتهامات التي سيقت للحزب والإيرانيين بالعمل على تغيير ديمغرافي في سوريا عبر تهجير أهالي المناطق.
على مدى السنوات الماضية، عمل حزب الله والنظام السوري ضمن خطط منهجية لتهجير السكان، خصوصاً في مناطق أساسية وحساسة، كريف دمشق، القلمون وحمص. كل هذه المناطق كانت على خريطة إيران لخلق مجتمع متجانس ومؤيد لها، أو جعلها مناطق فارغة من أي حيوية سكانية، توفر مظّلة آمنة للقوات الإيرانية التي تصل شرق سوريا بغربها. وقد تحقق ذلك. اليوم، حان وقت تغيير الاستراتيجية ولو من حيث الشكل.
الاهداف التي يسعى الحزب إلى تحقيقها من ذلك، لا تتعلق بإعادة حرارة الخطوط السياسية بين لبنان وسوريا، وتعبيد طرقات الزيارات الرسمية فحسب. بل تتعدى ذلك، وتتعلق بنظرة استراتيجية تنسجم مع الوقائع على الأرض وتستفيد من الظروف والتحولات الدولية. يعمل حزب الله وإيران على تقديم نفسيهما كمخّلص للشعب السوري بعد تأمين خلاص النظام، خصوصاً بعد ما يحصل في درعا، ووسط الحديث عن صفقة القرن، وعمليات الترانسفير التي ستحصل بموجب هذه الصفقة. وهي عبارة عن عمليات مشابهة لمواسم الهجرة القسرية السورية والمنظمة. هي فرصة حزب الله للقول إنه يعمل على إعادة اللاجئين إلى قراهم وأراضيهم، ومواجهة مفهومي "العرقية" أو الطائفية على غرار "تهويد القدس". والملف سيشكّل عنواناً جديداً لمهمة جديدة للحزب في سوريا، ومنها سيتحدد برنامج عمل الحكومة المقبلة.
دفعة جديدة
أعلنت المديرية العامة للأمن العام، في بيان السبت في 30 حزيران 2018، أنها ستقوم بتأمين العودة الطوعية لعدد من اللاجئين السوريين إلى بلداتهم في سوريا عبر معبر المصنع الحدودي، اعتباراً من الساعة السابعة والنصف صباح الأحد، في 1 تموز 2018. ويقدر عدد العائدين بـ62 عائلة.