مع تطور الزمن، تغيّرت هندسة الرِجل بشكل يمكّنها من تحمّل الوزن بطريقة افضل، لنتمكّن من السير لأطول وقت ممكن ومن دون ألم. فالانسان يولد عادةً بهندسة رجل طبيعية، لتتطوّر مع الزمن وتأخذ الشكل المناسب. إلّا أنّه في بعض الحالات يحصل عكس ذلك ما يحتّم التدخل الطبي.
في هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع الاختصاصي في جراحة العظم والمفاصل والمنظار، والأستاذ المحاضر صاحب مقالات طبية عدّة، البروفيسور عامر عبدالله، الذي استهلّ حديثه قائلاً: «يسبّب عدد من العوامل الجينية والاخرى الخارجية التغيرات في الرجل، فمثلاً نلاحظ نتوء عظمة الاصبع الاول في الرجل عند بعض العائلات اكثر من غيرها، وهنا نتحدث عن العامل الجيني، بينما قد تتلخص العوامل الخارجية بمواظبة النساء على ارتداء الكعب المرتفع والضيّق من الامام. صحيح أنّ هذه الحالة تبدو عملا تجميليا في مكان ما، الّا انه موضوع طبي بامتياز تغطّيه الجهات الضامنة.
فالتغيّر في هندسة الرِجل لا يقتصر على الشكل فقط، لأنّ مجموعة من العوارض ستزعج المريض على الأثر، وتبدأ بألم جدّي لتمنعه من السير بعد تطورها».
بين الألم والشكل
3 فئات من المرضى تقصد عيادة اختصاصي العظم، بهدف تصحيح أرجلهم، وبحسب د. عبدالله «الفئة الأولى هي الأكبر من حيث عدد المرضى الذين يقصدوننا بسبب الاوجاع التي يعانون منها إضافة الى تغيّر شكل الرِجل، بينما تقتصر الفئة الثانية على الذين لا يعجبهم شكل أرجلهم بسبب النتوءات البارزة فيها، وما يدفعهم الى استشارتنا ايضاً هو وجود حالة متطورة في عائلتهم تشبه حالة رِجلهم.
لذلك، نعتبر هذه الخطوة وقائية للحد من تطوّر المشكلة. أمّا الفئة الاخيرة، فترتكز على عدد قليل من الاشخاص الذين يريدون تغيير هندسة أرجلهم لأنّهم لا يحبّون شكلها أو شكل الاصابع، من دون أي سبب طبي. وبعد وصول المريض إلينا، نبدأ بطرح بعض الاسئلة عليه لمعرفة سبب انزعاجه، بعدها نفحصه سريرياً لتحديد اماكن وجود النتوءات والتغيّرات، لنطلب بعدها الصوَر الشعاعية التي تعتبر الفحص الافضل لهذه الحالة، لأنها تساعدنا في درس الرِجل بشكل افضل، ما يمكّننا بعدها من اقتراح الحل الطبي الأنسَب.
وفي حال أردنا تلخيص علاج كل حالة من فئات المرضى الثلاث التي ذكرناها، يمكننا القول إنه بالنسبة للفئة الثالثة التي يرتكز هدفها على التجميل فقط، وفي حال وافق الجرّاح على إجرائها، عليه الانتباه جيدّاً الى كل خطوة ينفّذها خلال العملية كي لا يؤثر على سَير المريض وحركته، وحتّى لا تكون هذه الجراجة التجميلية مصدراً للوجع في المستقبل. بالنسبة للفئة الثانية، عند تغيّر هندسة الرِجل من دون ألم، يوجد حالات معينة يسمح فيها إجراء الجراحة، لأننا نكون على يقين أنّ حالة رِجل المريض ستتطور في المستقبل لتصبح اكثر تعقيداً، مسببةً له الألم، فنطبّق ما يعرف «بالجراحة الوقائية».
في المقابل، يوجد بعض النصائح الطبية التي قد تصلح في بعض الحالات للاشخاص الذين لم يقرروا بعد الدخول في العمل الجراحي، كعدم ارتداء النساء الكعب المرتفع والضيّق من الامام. وهناك انواع من الضبانات التي تسعمل في بعض الحالات فقط، والتي توضع بين الاصابع أو في الحذاء، لتوزيع الوزن كما يجب على الرِجل والتخفيف من الإزعاج».
هل الجراحة مؤلمة؟
مع التطور السريع في مجال الطب، تطورت الجراحات المختلفة، وعلى رأسها جراحة العظام. وبينما كانت سمعة جراحة الرِجل سيئة في الماضي لا سيما بسبب الآلام الجدّية التي كانت تسبّبها، تَبدّل الحال في يومنا لتصبح أسهل، وأقل ألماً وذات نتيجة افضل. ويوضح د. عبدلله: «الفئة الاولى التي تعاني تغيّر الهندسة والألم، نخضعها للجراحة كعلاج لهذه الحالة. ويهمّني أن أوضح أنّ هذه الجراحة أصبحت متطورة جدّاً في الـ2018، ونُجريها من دون الحاجة الى التخدير العام، لأنّ العمل الجراحي محدود، كذلك الجروحات التي تتركها العملية.
وبشكل عام نقوم خلالها بتصحيح هندسة الرِجل، فيمكن أن نَقصّ العظم أو أن نُعيد توجيه الاصابع او الرِجل بالشكل الصحيح. بعد الانتهاء من العملية، يمكن للمريض الخروج من المستشفى في اليوم نفسه، على أن يبدأ بالسير في اليوم الثاني أو الثالث، شرط ارتداء حذاء طبّي مخصّص لـ6 اسابيع او اقل حسب حالة كل مريض.
وتجدر الاشارة الى أنه نادراً ما تُعاود المشكلة بالظهور بعد الجراحة، لا سيما اذا كان التدخّل الطبّي مبكراً قبل تطوّر الحالة، إضافة الى استعمال التقنيات الحديثة في الجراحة التي تؤمّن نتيجة افضل. ويمكن إجراء جراحة للرِجلين في الوقت نفسه، ولكن يُفضّل ان تكون المدة الفاصلة بين جراحة الرِجل الاولى والثانية، من اسبوع الى 10 ايام، من أجل راحة المريض».
الموضة هي السبب
تحتلّ النساء المرتبة الاولى من حيث الاستشارات الطبية وجراحة الرِجل، وقد تكون الموضة هي السبب، لا سيما ارتداء الكعب المرتفع والضيّق من الامام. ويلفت د. عبدلله: «لنكون منطقيين، لا يمكننا منع السيدات من ارتداء الكعب المرتفع من اجل الوقاية، ولكن عليهنّ معرفة التأثير السلبي اذا بَالغن في ذلك، وهنّ يعرفن ذلك جيداً عندما يَخلعن الكعب في نهاية النهار ليحلّ عليهنّ الألم على مستوى رِجلهنّ وظهرهنّ.
لذلك، أنصحهنّ بالتخلّي عنه وبارتدائه عند اللزوم وليس لمدّة متواصلة، أي خَلعه بين الفترة والاخرى خلال اليوم لتأمين راحة الرِجل»، خاتماً: «إنّ الاشخاص الذين لا يليق لهم شكل أرجلهم، من المهم أن يقوموا باستشارة الاختصاصي لتقديم النصائح الطبية التي تمنع تطور المشكلة اذا وجدت والحَد من الالم في المستقبل، أمّا الذين يوجد في عائلتهم من يعاني هذه المشكلة، فعليهم الإسراع في استشارة الاختصاصي لتدارك المشكلة، خصوصاً مع وجود أسباب جنينية محفّزة».