لا جديد على مستوى المشاورات والمفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة ،والمواقف لاتزال هي نفسها خصوصاً بما يتعلق بموضوع الحصص والاحجام . وبالتحديد القرار غير المعلن من قبل رئيس الجمهورية المتعلق بامتلاكه وتيار لبنان القوي بدعة الثلث المعطل . تلك البدعة التي تمكنه من التحكم بالقرارات الحكومية "التي تحتاج الى الثلثين" ناهيك عن التحكم بمصير الحكومة . بما يفضي بالنهاية الى الالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً.أي العودة الى ما قبل الطائف ، وفي المقابل الرئيس المكلف لم يتنازل بدوره عن الصيغة التي رفعها ولا قبل بشروط رئيس الجمهورية.
هذا ابرز ما نتج عن جلسة الامس في قصر بعبدا ، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف . ما يعني استمرار الازمة على حالها على الرغم من التاكيد على استمرار مفاعيل التسوية التي افضت الى وصول الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة.
بمعنى اوضح انه لغاية الان لا يوجد في الأجواء أية بوادر حلحلة ، إلا اذا تخلى الرئيس المكلف عن مهمة التكليف وبادر إلى الإعتذار وبتقديري ان هذا الامر غير وارد لا عند الرئيس سعد الحريري ولا عند قوى سياسية اساسية في البلد . كما ويبدو ان هناك محاولة لنسف الصيغة التي تحكم الحياة السياسية في لبنان منذ الاستقلال حتى يومنا هذا وهي صيغة "اللاغالب واللامغلوب ". لان هذه الصيغة كانت كلما تختل لمصلحة فريق على حساب فريق آخر كانت الامور تسير في البلاد بشكل حثيث للإحتراب الداخلي .
وبالعودة الى اللقاء بين فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف ، يمكن اختصارها بما أعلنه الرئيس الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأنه يعد لحكومة من ٣٠ وزيرا، اذا ساد الهدوء وتوقف التشنج، موضحا انه " تم الاتفاق على البقاء على تواصل لمواجهة هذه التحديات معا"، مشيرا الى ان " التسوية التي اجريناها سابقا ما زالت قائمة، وما زلت على موقفي بوجوب حمايتها مهما كان الثمن لأنها لمصلحة البلد"، ولفت الى" اننا قادرون على الوصول الى حلول مع الافرقاء ضمن الاجواء الهادئة. انما في جو متشنج لا يمكن لأحد أن يتراجع عن مطالبه، ان ما اطلبه هو التهدئة لحلحلة الامور. "
إقرأ أيضًا: التشكيلة الحكومية مكانك راوح!
وقبيل زيارة الرئيس المكلف الى بعبدا، أكد عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور دعم الجهود المضنية التي يقوم بها الحريري من اجل تشكيل الحكومة مشيرا الى ان "رئيس الحكومة يقوم بكل ما يجب ان يقوم به، لكن التهويل عليه مرة بسحب التفويض، ومرة بمهل غير دستورية، هو من باب الهرطقات الدستورية التي تحفل بها أيامنا السياسية في هذه الفترة. اتفاق الطائف واضح، لا مهلة لدى رئيس الحكومة، وطبعا رئيس الحكومة هو أول المستعجلين لأجل التشكيل بفعل التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية." وأكد ان "المبدأ الأساسي احترام نتائج الانتخابات النيابية، وكل من يريد ان يغامر بعدم احترام نتائج الانتخابات يكون ينقلب عليها وعلى استحقاقات دستورية، ويدخل البلد في مهاوٍ دستورية وميثاقية، لا اعتقد ان أي عاقل يدرك ان من مصلحة البلد الإقدام عليها. "
أخيراً وباختصار أم العقد هي حكومة الصراع على الأمر لي في نظام محكوم بالمشاركة. حكومة العهد، حيث السلطة الاجرائية مناطة بمجلس الوزراء الذي يضم الممثلين الحقيقيين للطوائف والمذاهب.لسنا من المغالين بالقول بان الازمة كبيرة دخلت فيها الجمهورية ،وانطلاقاً من وعينا للمخاطر الكبيرة ليس على العهد فحسب بل على البلد برمته ،والواقع يدعو كل من تهمه مصلحة البلد ان يرفع الصوت عالياً حتى لا يسقط البلد .
لذلك المطلوب اليوم واكثر من أي وقت مضى ،العمل على مسابقة الوقت وقراءة الواقع بشكل موضوعي والابتعاد عن فكرة الاتيان برئيس حكومة يكون ضعيف ، رئيس حكومة بالشكل هذا الامر غير مفيد والاستمرار بالسعي للوصول الى مثل هذا الامر ستكون له تداعيته الكبرى على الاستقرار ومحفوف بالكثير من المخاطر وتجربة "حكومة غزة" خير شاهد ودليل .