لم يعد نادراً في لبنان أن تحتفل جماهير كرة القدم بنتائج فرق ومنتخبات عالمية. وباتت المفرقعات النارية وإطلاق الرصاص في الهواء إحدى أدوات التشجيع إلى جانب الأعلام والبدلات الرياضية. لكن، الأربعاء في 27 حزيران 2018، دخل الرصاص المباشر والسكاكين على خط تشجيع منتخبات كأس العالم، وأدى ذلك إلى مقتل الشاب محمد زهر.
"القضية بدأت بعد إطلاق شبان يشجعون البرازيل، ومنهم الضحية وشقيقه الأكبر ع. زهر، المفرقعات ابتهاجاً بفوز فريقهم. والمفرقعات أزعجت ع. ب، الشقيق الأكبر للمشتبه به ح. ب، الذي طلب من ع. زهر التوقف عن إشعال المفرقعات. وتطور الأمر إلى تلاسن، دفع ح. ب إلى المشاركة بالإشكال دفاعاً عن شقيقه الأكبر، ولم تنفع محاولة بعض الشبان الموجودين في المقهى إلى تهدئة الأمور بين الطرفين. فما كان من ح. ب إلا أن وجّه سكيناً اخترقت أضلع محمد، مسببة نزيفاً داخلياً أدى إلى وفاته في المستشفى"، وفق ما يقول شاهد عيان لـ"المدن".
القاتل وشقيقه الأكبر يشجعان ألمانيا التي خسرت أمام كوريا الجنوبية وخرجت من البطولة العالمية. "لكن هذا لا يبرر قتل أحدهم والتذرّع بالتشنّج والغضب جرّاء خسارة منتخب أجنبي، لا يقوم جمهور بلده بمثل ما يقوم به الجمهور اللبناني". يضيف الشاهد، الذي يعرف ح. ب عن قرب، أن له "سوابق في افتعال المشاكل، علماً أن الإشكال هذه المرة لم يكن معه ولا دخل له به، ولو لم يتدخّل لربما انقضى الأمر بتلاسن بين شقيقه وشقيق الضحية، وفي أحسن الأحوال قد يتعارك الطرفان بالأيدي، وتُقفل القضية". ولا ينفي الشاهد إمكانية أن يكون القتل جاء إثر "تعاطي ح. ب حبوباً مخدرة. ما رفع من حدّة غضبه ورغبته في الدفاع عن شقيقه. إذ يُشاع عنه في المنطقة تعاطي الحبوب، من دون تأكيد ذلك بشكل مادي وملموس".
تدخلات سياسية وعائلية
في اللحظات الأولى لوقوع الجريمة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أخبار تقول إن القاتل من آل شمص، لكن الحقيقة أن "لا علاقة لآل شمص في القضية. وورود إسم آل شمص يعود إلى المصاهرة بين ح. ب وأحد أفراد آل شمص، لا أكثر". وبيان قيادة الجيش يحصر الحادث بـ ح. ب الذي أوقفته مديرية المخابرات. أما مسألة تورط آخرين في القضية، "فهو رهن التحقيقات التي سيجريها القضاء المختص"، على حد تعبير مصادر قانونية، التي تشير في حديث إلى "المدن" إلى أن "المطالعة الأولية لهذه الجريمة تخلص إلى أن القاتل سيُحاكم أمام محكمة الأحداث لكونه قاصراً، يبلغ من العمر 17 عاماً. وقد يُسجن لفترة لا تقل عن 5 سنوات".
ولا يمكن إنكار التدخلات السياسية في مثل هذه القضايا، إما للملمة القضية وعدم تطويرها وإيصالها إلى الثأر والثأر المضاد، وإما لحماية القاتل في حال كان يتبع لعائلة نافذة أو لجهة سياسية. لكن هذه المرة "كان هناك اتصالات من جهة سياسية نافذة للحث على تطبيق القانون وعدم السماح لأي تدخلات تُخرج الملف عن سياقه القانوني، لأن مسألة السلاح المتفلت واستسهال القتل بحجة الغضب، أصبحت لا تُحتمل"، يقول شاهد العيان، الذي يرى أن "لملمة هذه القضية بالتحديد، غير واردة، لأن عائلة القتيل لديها نفوذ أمني وسياسي قد يُستعمل لتطبيق القانون وليس الثأر".