اتجهت الأنظار نحو بعبدا أمس في محاولةً لالتقاط أطراف الحديث الذي دار بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وحاصرت الاتصالات الصغير والكبير في القصر، عسى أن ينجح المتلهفون لتشكيل الحكومة الجديدة باقتباس ولو بعض العناوين العريضة من المسودة الثالثة التي حملها الحريري لعون.
وبعد خروج الحريري من قصر بعبدا بخلاصة أن هناك بعض الأمور تحتاج إلى العمل على نار هادئة، تجمع أوساط سياسية على أن اللقاء كان شكلياً أكثر منه عملياً، ووصفته بـ"لقاء الضرورة"، الذي فرضته الأجواء التشاؤمية التي طفت على سطح التشكيل أخيراً، ليحمل بانعقاده بشائر الجدية والعمل الحثيث على تشكيل الحكومة.
أراده الرئيسان ليكون تعبيراً عن حسن النوايا أولاً، ورداً على من حاول نعي التسوية الرئاسية إلى مثواها الأخير بعد تشنج الأجواء بين الرئاستين الأولى والثالثة على خلفية المسودة الثانية التي قدمها الحريري لعون عقب عودته من باريس. وهي المسودة التي وصفتها مصادر بعبدا بـ"حكومة طويل العمر" دلالةً منها على أنها بوحي سعودي أولاً، وتبشّر بطول عمر التأليف ثانياً لما تحمل من تعقيدات.
"لا مسودة ولا من يحزنون"، بهذه الكلمات تصف مصادر عليمة بلقاء الأمس، وتقول إن اللقاء لم يتضمن رفع مسودة رسمية من الحريري لعون بل اقتصر على البحث في تدوير الزوايا الحكومية والبحث عن قواسم مشتركة بين المتنازعين، وعرض عدة صيغ يمكن لها أن تُخرج الحكومة من عنق زجاجة تناتش الحصص بأقل كلفة ممكنة.
وعلى الرغم من تصريح الرئيس المكلف أنه لم يسمع بصيغة 24 وزيراً، تشير معلومات "ليبانون ديبايت" إلى ما سُمي بمسودّة تذليل العقبات وتقليص الأحجام، وقوامها حكومة مصغرة مؤلفة من 24 وزيراً قيد الدرس من قبل جهات تعمل على خط حلفاء الرئيس.
وتلفت المصادر إلى أن حصص صيغة 24 وزيراً تتوزع على الشكل التالي: 5 وزراء للثنائي الشيعي، 3 لحركة أمل بينها وزارة المال، 2 لحزب الله بينهما حقيبة أساسية. 5 وزراء للمستقبل، 4 سنّة بينهم وزارة الداخلية، ووزير مسيحي على الأغلب أن يكون مارونياً، على أن تتم تسميته بالتفاهم مع الرئيس. 4 وزراء للقوات من بينهم حقيبة سيادية هي وزارة العدل، ووزارة أساسية، وأخرى خدماتية، ورابعة وزارة دولة. وزيران للاشتراكي بينهما وزارة خدماتية. خمس وزراء للوطني الحر بينهما الطاقة والخارجية. و3 وزراء لرئيس الجمهورية بينهما حقيبة سيادية هي وزارة الدفاع، ومقعد سني على الأغلب أن يرضي به الرئيس سنّة 8 آذار، وبالتالي حزب الله، ومن المرجح أن يذهب للنائب فيصل كرامي.
وفي هذه الصيغة يتخطى الرئيسان العقبة الدرزية، فلا وزير درزي ثالث يكون موقع خلاف بين رئيسي حزبي التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والديمقراطي اللبناني طلال ارسلان، وكذلك العقدة المارونية إذ إن القوات لن تصر على 5 وزراء في حال كانت الحكومة مؤلفة من 24 وزيراً. وهي صيغة أيضاً تقلص حجم سنّة 8 آذار من وزيرين إلى واحد.
وبحسب المصادر، يمكن لهذه الصيغة أن تبصر النور في حال اعتُمدت، وفي نفس الوقت تستبعد المصادر ذلك، كون الرئيس المكلف غير متحمس لها ويفضل اعتماد حكومة شمولية تضم أكبر عدد من القوى السياسية. بينما تُرجع مصادر أخرى إصرار الحريري على 30 وزيراً في الحد الأدنى لرفع عدد وزرائه أولاً، ووزراء حلفائه في 14 آذار ثانياً، لتشكيل قوة ضاغطة في مجلس الوزراء توازي الثلث الضامن وقادرة على مواجهة حزب الله وحلفائه، وذلك بإيعاز خارجي من المملكة العربية السعودية.