93 مليار ليرة هو قيمة العجز المتراكم من مستحقات المتعاقدين في الجامعة اللبنانية للسنوات الثلاث الماضية. إدارة الجامعة تطلب فتح اعتماد لارساء التوازن المالي ووزارة المال ترمي الكرة في ملعب الجامعة لجهة التأخير في إعداد الموازنة، وسط استمرار التوظيف السياسي والتعاقد العشوائي والمنفوخ
هذه المرة، تأخر سداد مستحقات المتعاقدين في الجامعة اللبنانية ثلاث سنوات ونصف سنة. كان يفترض أن يتقاضى المتعاقدون في كانون الأول الماضي حقوقهم عن العام الجامعي 2015 ــــ 2016، بما أن عقود المصالحة تُقبض كل سنة ونصف سنة تقريباً. لكن ذلك لم يحصل، فيما سرى كلام عن كسر مالي هو عبارة عن تراكم مجموع المستحقات عن الأعوام الجامعية الثلاثة: 2015 ــــ 2016، 2016 ــــ 2017 و2017 ــــ 2018 يلامس 93 مليار ليرة. الجامعة طالبت، كما تقول مصادرها، بالتوازن والاستقرار المالي وتقديم حل نهائي لمرة واحدة وسد فجوة التراكمات القديمة، وتلقت وعوداً قاطعة بذلك في آخر جلسة لمجلس الوزراء، لجهة مطالبة الحكومة بفتح اعتمادات بقيمة العجز يصدر بقانون في مجلس النواب. إلاّ أنّ ذلك لم يتحقق وبقي العجز قائماً، بحسب المصادر، «ما سيضطرنا إلى العودة لتجزئة الدفع، باعتبار أنّه لا يمكن تضمين موازنة الجامعة للعام 2018، سوى مستحقات هذا العام الجامعي، وبالتالي فإنّ المتعاقدين سينالون مستحقات سنة واحدة فور تصديق وزارة المال للموازنة الجديدة، والمتوقع في آخر تموز المقبل».
المصادر توضح أنّ «الجامعة حاولت في الفترة السابقة حث السلطات ودعوتها للالتفات إلى المؤسسة الملتزمة بأساتذة عملوا لديها ويريدون حقوقهم وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزير التربية، وانتظرت أن تتفهم الدولة لهذا الالتزام، إلا أن المشروع سقط مع استقالة الحكومة، وإن كنا نعوّل على الحكومة الجديدة لإمراره مجدداً هذا العام».
في المقابل، سمع المتعاقدون كلاماً آخر في وزارة المال يقول إن التأخير في الدفع سببه المماطلة في إعداد موازنة عام 2018 وورود أخطاء في احتساب المستحقات في المشروع الأول الذي قدمته إدارة الجامعة في آذار الماضي، والذي رفضته وزارة المال، قبل أن تتسلم المشروع الثاني، أول من أمس، وهي تعكف منذ يوم أمس على دراسة أرقام الموازنة التي تبلغ 451 مليار ليرة. وفي ما يخص فتح الاعتمادات، ينقل المتعاقدون أنّ وزير المال علي حسن خليل انتظر مرتين أن يطرح وزير التربية الأمر في مجلس الوزراء إلاّ أن ذلك لم يحصل.
هكذا يدخل ملف المتعاقدين «دويخة» وتقاذف مسؤوليات، فلا يعرف المراقب فعلياً من المسؤول عن تأخير دفع الحقوق، في حين ثمة من يجب أن يتحمل مسؤولية التوظيف السياسي والتعاقد العشوائي وغير المبرر الذي «ينفخ» تكاليف ملف التعاقد، إذ يجري إدخال ما لا يقل عن 500 متعاقد سنوياً في كليات والجامعة وفروعها، ما قد يؤدي إلى سوء تقدير في احتساب أموال التعاقد في الموازنة كأن يفوق عدد المتعاقدين المبالغ المرصودة لمستحقاتهم، فهل تتحمل إدارة الجامعة مسؤولية هذا التعاقد غير المدروس؟ وهل الجامعة تحتاج فعلاً إلى هذا العدد من المتعاقدين سنوياً؟
المتعاقدون لوحوا بمقاطعة العام الدراسي المقبل ما لم يدخلوا متفرغين
المتعاقدون وعددهم نحو 1200 أستاذ، أعلنوا أنهم لن يبدأوا العام الدراسي المقبل إلاّ وهم متفرغون في الجامعة. ورأى حامد حامد، عضو لجنة المتعاقدين، خلال وقفة احتجاجية أمام الإدارة المركزية للجامعة أمس، أن المتعاقد المستثنى من ملف التفرغ في عام 2014 والمستحق للتفرغ حتى عام 2016 يتقاضى بدل 250 ساعة تعاقد على الأقل، وهو سيحل بديلاً من استاذ تمت احالته إلى التقاعد، وبالتالي لن يكلّف الجامعة عبئاً مالياً إضافياً، بل سيكون ملزماً بدفع بدل ضمان صحي واجتماعي وهذا يغني الخزينة ولا يضرها.
وبينما أوصى مجلس الجامعة في جلسته منذ أسبوعين باعادة النظر في ملف التفرغ على طاولة البحث وتشكيل لجنة تراعي التوازن الوطني، ينتظر المتعاقدون المستوفون للشروط أن تنجز دراسة الملف الجديد في اسرع وقت ممكن. وتحدث هؤلاء عن أنّهم أخذوا وعداً بأنّه ستتم المحافظة على الـ568 أستاذاً الذين درست ملفاتهم سابقاً.
في كل مرة، يجد المتعاقدون أنفسهم يقبعون في الشارع حيث يروون ما سموه قصص الذل المتصلة بعدم الإيفاء بالتزاماتهم الشهرية نتيجة حجب مستحقاتهم. فقال أحدهم إنه طرد من منزله لأنه لم يسدد الإيجار لمدة 5 أشهر، وآخر حرم أولاده من الامتحانات المدرسية النهائية لأنه لم يدفع القسط وثالث اضطر للانتظار 4 ساعات على باب المستشفى كي يدخل ابنته المريضة.