عبّر الرئيس المكلف سعد الحريري عن إحباطه من المشاورات الحكومية الجارية، فطلب من وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة مقعدا في إحدى المهنيات ليلتحق به في حال تعثر تشكيل الحكومة التي يبدو أن الحريري قد أوقف محركات تأليفها عمدا، إحتجاجا على الضغط المتنامي عليه من قبل التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي ما يزال التواصل بينه وبين الحريري مقطوعا.
في غضون ذلك يستعد الرئيس نبيه بري لمغادرة لبنان لقضاء عطلته الصيفية، في إشارة إضافية وواضحة بأن الحكومة لن تبصر النور في المدى المنظور، وبأن العقدة الأساسية هي عند الرئيسين عون والحريري وعندما يتوصلا الى حل متكامل عندها يعود بري من سفره ويكون لكل حادث حديث.
في المقابل تشتعل جبهة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في حرب سياسية ضارية، في ظل إصرار جبران باسيل على عدم إعطاء القوات الحصة التي تريدها، سواء من حيث العدد، أو من حيث الحقائب، لا سيما منصب نائب رئيس الحكومة أو حقيبة سيادية، وقد خرجت القوات عن صمتها أمس من خلال مصادرها لتشن هجوما غير مسبوق على باسيل واصفة إياه أنه يحاول التعمية لتغذية حصة التيار الوطني الحر على حساب القوات، وأنه يسعى جاهدا لضرب تفاهم معراب، واللافت أن القوات تحرص على أن تفصل بين باسيل وبين العهد، حيث زارت النائب ستريدا جعجع الرئيس عون يوم أمس وسلمته دعوة لحضور حفل إفتتاح مهرجانات الأرز الدولية.
يمكن القول أن عملية تشكيل الحكومة بكاملها تفتقد الى الثقة بين الأطراف، حيث يبدو واضحا أن الوزير جبران باسيل لا يريد أن ″يضع يده تحت بلاطة أحد″ لا حليف ولا صديق ولا خصم، لذلك يسعى جاهدا الى أن تكون حصة تياره الوزارية مع حصة عمه رئيس الجمهورية 11 وزيرا ما يمنحه ثلث عدد وزراء الحكومة، وطبعا فإن ذلك لا يمكن أن يتم إلا على حساب القوات اللبنانية التي يصر باسيل على إعطائها 3 مقاعد وزارية، ليصبح الرقم 14 وزيرا مسيحيا يضاف إليهم الوزير المسيحي الذي سيعطيه رئيس الجمهورية الى الرئيس الحريري بدلا عن الوزير السني الذي سيسميه.
في حين يسعى الرئيس الحريري الى أن يكون لديه أكثر من ثلث الحكومة مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث تشير المعلومات الى أن الحريري يريد أن يعطي القوات اللبنانية الوزير المسيحي الذي سيعطيه إياه رئيس الجمهورية بدلا عن الوزير السني الذي سيسميه، ليصبح العدد 5 وزراء للحريري، و4 للقوات، و3 للدروز حيث تشير معلومات الى أن العقدة الدرزية باتت في حكم المنحلة بعد إقتناع جميع الأطراف بضرورة إعطاء وليد جنبلاط الحصة الدرزية كاملة، وإرضاء طلال إرسلان بوزير مسيحي محسوب عليه يسميه من حصة التيار الوطني الحر.
إذا، عقدة تشكيل الحكومة باتت محصورة بين التيار الوطني الحر الذي يتطلع الى الحصول مع حصة رئيس الجمهورية على ثلث وزراء الحكومة، وبين الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يعاني على أكثر من صعيد، سواء لجهة إرضاء القوات اللبنانية من حسابه بوزير مسيحي كرمى لعيون السعودية، أو لجهة تمسكه بكامل الحصة الوزارية السنية، وإقفال الباب نهائيا أمام توزير أي من سنة 8 آذار الأمر الذي قد يثير حفيظة حزب الله ضده، وقد يؤسس لتكتل سني معارض له.
أما إذا إقتنع التيار الوطني الحر، باعطاء القوات اللبنانية أربعة وزراء، عندها يستعيد الحريري الوزير المسيحي البديل عن الوزير السني الذي سيسميه رئيس الجمهورية، ما يجعله قادرا على التخلي عن وزير سني ربما يكون من نصيب كتلة “الوسط المستقل” برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، في ظل إصرار الحريري على عدم توزير أي من سنة 8 آذار، أما إذا أصر الرئيس المكلف على أن تكون كل الحصة السنية مع الوزير المسيحي البديل من نصيب تياره الأزرق، عندها يكون قد وضع كل النواب السنة من خارج تياره في مواجهته.