(تضامنا مع مسيرة العاملات المنزليات الأحد 24 حزيران)
لماذا ضَرَبَنا هذا الرجلُ؟، سألت العاملتان المنزليتان من التابعية الكينية؟
منذ اقل من اسبوع، انهال رجل لبناني بالضرب وبالركل على امرأتين من التابعية الكينية. تبين أنه رجل أمن بلباس مدني. فأثناء مرور الشاب بسيارته، اقترب منهما وكاد أن يؤذيهما، فوجهت إحداهما إليه كلمة نابية. على اثرها ترجل من سيارته وأوسعهما ضرباً.
عندما سألتاه لماذا يضربهما، يبدو أنه أجابهما: "أنا في بلدي ويمكنني أن أفعل ما أشاء".
امرأة ورجل كانا في المكان ساعداه عليهما، وشاركاه في الضرب. المارة الآخرون لم يقتربوا لنجدة السيدتين، باستثناء شخص او شخصين.
بحسب الطبيب الشرعي، حال إحدى المراتين الكينيتين كانت تستدعي الراحة ليومين.
استبقيت السيدتان للتحقيق وبقي الرجل حرا طليقا. الحجة في احتجازهما هي ان أوراقهما الثبوتية غير مكتملة.
الارجح ان السيدتين، وفيما كانتا وحيدتين قيد الاحتجاز للتحقيق، ووسط ذهولهما لما حدث معهما، طرحتا على نفسيهما التساؤل البديهي: لماذا ضَرَبَنا هذا الرجلُ؟
وتابعتا التساؤل.
قال انه في بلده وإنه يمكنه أن يفعل ما يشاء.
هل كل واحد في هذا البلد يستطيع ان يفعل ما يشاء؟
لكن طالما يستطيع ان يفعل ما يشاء، لماذا لم يبتسم لنا واختار ان يعاكسنا بسيارته ومن ثم أن يضربنا؟
لماذا لم يفصح صراحة عن سبب ضربنا؟
هل من الممكن أنه في الواقع لا يعرف السبب، أو انه ربما فعل فعلته لاسباب عديدة؟
هل ضربنا بسبب الكلمة النابية، ام لأننا تجرأنا وعبرنا عن انزعاجنا؟
هل اغاظته جرأتنا لاننا امرأتان ام لأننا عاملتان منزليتان، ام لان بشرتنا سوداء؟
أهي ذكورية ام طبقية ام عنصرية؟
لا فرق، كنت سأجيبهما من بعيد. فالحالات الثلاث متضامنات وكل واحدة تمهد للأخرى.
هل ضربنا لأنه رجل أم لأنه رجل امن؟
ذكورية أم تسلط امني؟
لا فرق، كنت سأجيبهما من بعيد. فالحالتان الاثنتان متضامنتان. الاولى تربّي الثانية، والثانية تحافظ على الاولى.
هل أطلق سراحه وتم احتجازنا لانه لبناني ونحن من كينيا، ام لأنه رجل امن ونحن شخصان عاديان؟
عنصرية ام تطبيق لعدالة الاقوى؟
لا فرق، كنت سأجيب من بعيد. فالحالتان الاثنتان متضامنتان وتبرران الواحدة منهما للأخرى.
لماذا شارك رجل وامرأة في ضربنا على رغم أننا لم نتعرض لهما؟
وطنية ام عنصرية؟
لا فرق، كنت سأجيبهما. فالحالتان الاثنتان وجهان للتعصب في معظم الحالات عندنا.
لماذا لم يدافع عنا من المارة الا شخص او شخصان؟
خوف أم لامبالاة أم تأقلم مع العنف؟
لا فرق، كنت سأجيب من بعيد. فالحالات الثلاث تتناسل الواحدة من الأخرى.
هل الشخصان اللذان دافعا عنا لبنانيان؟
نعم هما لبنانيان، كنت سأجيبهما من بعيد، ومن دون ان أتأكد من ذلك، لكن فقط لأبقي في قلبي بعض الأمل بشعبي.
ذكورية، طبقية، عنصرية، تسلط امني، لا عدالة.
انحطاط أخلاقي لبناني.
مع بعض الامل الضئيل بإنسانية لم تمت بعد في قلوب البعض منا.