يتمنى سمير جعجع ليس فقط التحالف مع «التيار الوطني الحر»، وإنما أيضاً توطيد التحالف مع تيار «المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وفي مكان ما مع «حركة أمل»، وذلك بعيداً عن المصالح التكتيكية المحدودة والمكاسب الآنية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «تفاهم معراب ليس تحالفاً سياسياً. كل شيء له اسمه ومفهومه. فنحن اتفقنا مع التيار الوطني الحر ونحن نعلم أن لديه تموضعه السياسي، كما أن لدينا تموضعنا السياسي ولا نقبل أن نساوم عليه. وهو ليس مادة انتخابية ولا تجارية ولا يسعى إلى المناصب والمراكز. لذا؛ كنا واضحين منذ البداية. تموضعنا السياسي يبقى ثابتاً. بالمقابل، تتلاقى بعض مواقف التيار مع (14 آذار)، وفي مواقف أخرى مع (8 آذار). أما نحن، فالأمر ليس مشابهاً. وفي كل مواقفنا السياسية بقينا مع أنفسنا. إلا أننا سعينا من خلال تفاهم معراب إلى طي التاريخ السابق والصراع الذي ساده، وهذا ما حصل. وقررنا أن نجرب التنسيق في السياسة الحالية. وأول خطوة كانت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. ونستطيع أن نتفق مع التيار على خطوات مماثلة، كما نستطيع التفاهم على خطوات لا تتناقض مع تموضعنا».
ويضيف جعجع: «لكن الخطوة لم تأخذ مداها بكل أسف. والسبب الرئيسي أن مفهوم الشراكة عند وزير الخارجية ورئيس التيار جبران باسيل يقضي بأن يعمل وحده..علينا أن ندعمه، وإذا اعترضنا أو انتقدنا يقول إننا نعطل في الحكومة ولا يقبل، ويعتبر الأمر تعدياً على العهد، وهذا ما لا نوافق عليه انطلاقاً من قناعتنا بضرورة التصدي لأي خلل. والأمر لا يتعارض مع مفهوم الشراكة، كما هو الأمر مع مسألة البواخر. هذا ليس تعطيلاً. التعطيل يكون إذا اعترضنا على قضايا تفاهمنا مع التيار عليها، حينها يكون الاتهام محقاً ومبرراً، أما ما لا نتفق عليه ولا نراه صائباً فالاعتراض ليس تعطيلاً وإنما هو حفاظ على المصلحة اللبنانية».
وعن مفهومه للتحالف السياسي يقول جعجع «إن التحالف السياسي ينعكس في حركة (14 آذار) القائمة على أسس واضحة ومبادئ واضحة ومشروع سياسي واضح. وهي جمعت أحزاباً عدة من خلفيات ومناطق مختلفة اتفقت على تصور موحد للبنان، وهو ما تم التعبير عنه في (لبنان أولاً). واتفقت على قيام دولة في لبنان بمفهوم معيّن للدولة، وليس قيام دولة وإلى جانبها ما لا ندري».
أما أين ذهب هذا التحالف وأين القواعد الجامعة، فيبتسم جعجع معلقاً: «لا أريد أن أقول إن الآخرين شذوا عنها. والدليل المشهد الأخير في المجلس النيابي، والذي لا يتلاءم مع طبيعة هذا التحالف مع انتخاب إيلي الفرزلي نائباً لرئيس المجلس».
وعن إمكانية بناء تحالفات سياسية تقدم للحزب المتحالف مصلحته كحزب وللبنان مصلحته العليا، يجيب جعجع: «طبعاً. فمصلحة كل حزب هي بنجاح مشروعه السياسي. ولا يستطيع أي حزب إنجاح مشروعه السياسي بمفرده». وفي التجربة اللبنانية، يرى جعجع أن «حزب الله» أجاد العمل على تحالفه السياسي مع «حركة أمل» رغم التمايزات الموجودة بينهما، وهو يضحي كثيراً خدمةً لمشروعه السياسي بمعزل عن المكاسب الضيقة، وربما يستطيع الحزب الحصول على مقاعده النيابية من دون التحالف مع أمل، لكن بتحالفه هذا يدفع بمشروعه إلى الأمام أكثر بكثير. هنا الفرق بين النظرة الاستراتيجية والنظرة التكتيكية. أنا أعتبر أن التحالفات التي تقدم المشروع إلى الأمام تخدم أكثر من المكاسب الآنية الضيقة الغرضية لمقعد نيابي أو بلدية أو ما شابه.