الخطة الأمنية في البقاع التي تشغل الوسط الإعلامي ليست وليدة اليوم، فعمادها ليس الإستعراض، بل إنها مبنيّة على دراسة للخطط السابقة وأماكن الفشل التي أصابتها، والأهم أنها سرّية وبعيدة من الإعلام وهو ما يجهله مَن يحاول استباقها لقطفها سياسياً، عبر القول إنّ هذه الخطة أتت نتيجة الضغط الذي مورس أخيراً.
ورغم أنه لا يغيب عن بال كثيرين أنّ ما يحصل في البقاع من أعمال شغب لم يبدأ أمس، بل إنّ هذه المنطقة لطالما عانت الأمرَّين منذ سنوات، فإنّ أسئلةً تُطرح حول جدوى استفاقة البعض على هذا الموضوع الذي ينتج عن مجموعة عوامل مشترَكة، في هذا الوقت بالذات؟
في السياق، يوضح مصدرٌ وزاري مطّلع لـ»الجمهورية»، أنّ القوى الأمنية والعسكرية لا تتحرّك وفقاً لحسابات أحد بل حسب أهدافها وإمكاناتها، تماماً كما حصل في معارك فجر الجرود، أما الخطة الأمنية فلم تُخلق نتيجة الضغط بل إنّ هذا التحرّكَ بدأ منذ فترة.
ويشرح المصدر أنه «خلال السنتين الماضيتين اضطر الجيش لسحب وحداتٍ عسكريّة تابعة له من مناطق عدة ومنها البقاع، لأنّ الأولوية كانت القضاء على المجموعات الإرهابية، لكن بعدما انتهت معركة فجر الجرود، بات باستطاعة الجيش التحرّك في موضوع الأمن الإجتماعي من خلال ضرب تجار المخدّرات وسارقي السيارات وشبكات الإبتزاز والخطف لأنّ هؤلاء يشكلون خطراً على البيئة الإجتماعية ككل، خصوصاً وأنّ الأمنَ الإجتماعي عاد الى الأولوية على أجندة الجيش».
عملياتٌ نوعيّة
ينفّذ الجيش يومياً عملياتٍ نوعية والأهم أنها سرّية، خصوصاً أنّ العمل الأمني بحاجة لمتابعة وهو ما يحتّم عليه السرّية، فخلال الفترة الماضية اوقف 414 شخصاً بقضايا مخدرات وسرقة سيارات، والأهم أنه تمّ توقيف شخصين بعمليّتين نوعيتين بعد متابعةٍ حثيثة، أحدهما مهرّب سيارات بين لبنان وسوريا، والآخر هو أحد أهم المشاركين في عمليات إثارة الشغب في بعلبك من خلال إطلاق النار على المحلات في السوق التجاري والذي أوقف أمس. ومن المعروف أنه يصعب الوصول لهؤلاء الناس نتيجة وعورة المناطق الموجودين فيها وتأمين الشبكات التي يعملون لصالحها الحماية لهم.
ورغم أنّ كلمة «مخابرات» تُرعب اللبنانيين نظراً للظلم الذي عاشوه على يد المخابرات السورية أثناء الوصاية، إلّا أنّ الدولة والجيش اللبناني لا يتعاملان مع أهلهما بالمنطق الذي كانت الوصاية تتعامل فيه، بل إنهما يعرفان طبيعة عشائر البقاع ويراعيان ظروف أهالي المنطقة التي رفدت الجيش على مرّ السنوات بآلاف العسكريين، خصوصاً وأنهم قادمون على فترة مهرجانات ينتظرونها سنوياً للإستفادة منها اقتصادياً.
وفي ما خصّ النزاع القائم بين بلدتَي اليمونة والعاقورة الناتج عن اعتداء مجهولين في العاقورة على رعاةٍ للماشية في بلدة اليمونة، على خلفية النزاع القائم الحدودي بين البلدتين منذ العام 1938، يؤكد المصدر أنّ قائد الجيش العماد جوزف عون حريصٌ جداً على ألّا تكون هناك أيُّ نقطة دم بين أهالي البلدتين وينسّق مع الرؤساء الثلاثة في هذا الخصوص وهناك تحرّك قريب لحسم هذا الموضوع.
حصيلة توقيفات الجيش في الـ2017 والـ2018